. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَيْدِي الْيَهُودِ مُسَاقَاةً ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي فَكَانُوا يَأْخُذُونَ» أَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُسَاقِيَيْنِ وَالشَّرِيكَيْنِ فَقَالَ لَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ، وَلَا يَصْلُحُ اقْتِسَامُهُ إلَّا كَيْلًا إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ حَاجَتُهُمَا إلَيْهِ فَيَقْتَسِمَانِهِ بِالْخَرْصِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عِيسَى حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَأَوَّلَ الْخَرْصَ لِلْقِسْمَةِ خَاصَّةً، وَإِذَا كَانَ الْخَرْصُ لِلزَّكَاةِ لَزِمَ إخْرَاجُهَا مِنْ جَمِيعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِحَالِ مَالِكِ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَصْلِ مُسْلِمًا حُرًّا فَالزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا فَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَالزَّكَاةُ تَجِبُ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخَرْصُ لِلْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ اخْتِلَافُ حَاجَتِهِمَا إلَيْهِ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَأْكُلُوهُ رُطَبًا، وَالصَّحَابَةُ لَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ، وَلَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ إلَّا تَمْرًا.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الشُّرَكَاءِ فِي الْحَائِطِ تَخْتَلِفُ حَاجَتُهُمْ إلَى الثَّمَرَةِ فَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْبَيْعَ، وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ أَكْلَهُ رُطَبًا، وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ أَكْلَهُ تَمْرًا إنَّ ذَلِكَ يُبِيحُ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمْ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ اتَّفَقَتْ حَاجَتُهُمْ فَإِنْ أَرَادَ جَمِيعُهُمْ الْبَيْعَ أَوْ أَكْلَهُ رُطَبًا أَوْ تَمْرًا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَهُمْ بِالْخَرْصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْقِسْمَةِ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُ ابْنِ رَوَاحَةَ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي حَمَلَهُ عِيسَى عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ إلَيْهِمْ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْخَارِصِ لِيَضْمَنُوا حِصَّةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بِالثَّمَرَةِ بِالْخَرْصِ فِي غَيْرِ الْعَرِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَخْرُصَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَكُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ الثَّمَرِ مَا أَوْجَبَهُ الْخَارِصُ عَلَيْهِمْ عَلَى سُنَّةِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَوَائِطِ لَهُمْ فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي عَلَى سَبِيلِ التَّحْقِيقِ لِصِحَّةِ خَرْصِهِ فَيَقُولُ لَهُمْ إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَأْخُذُوا الثَّمَرَةَ عَلَى أَنْ تُؤَدُّوا زَكَاةَ مَا خَرَصْته عَلَيْكُمْ، وَإِلَّا فَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْ الْفَيْءِ بِمِثْلِ مَا يُشْتَرَى بِهِ فَيَخْرُجُ هَذَا الْخَرْصُ الَّذِي خَرَصَهُ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِسِعْرِ التَّمْرِ فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ لِتَحَقُّقِهِمْ صِحَّةَ قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُرَادَ بِهِ خَرْصُ الثَّمَرَةِ لَا قِسْمَةَ لِاخْتِلَافِ الْحَاجَةِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ هَذَا النِّصْفُ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي وَلَكُمْ هَذَا الْآخَرُ عَلَى مَعْنَى التَّخْيِيرِ لَهُمْ فِي النِّصْفَيْنِ لِيَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا لِتَحَقُّقِهِ التَّسَاوِي فِي ذَلِكَ فَكَانُوا يَأْخُذُونَ الَّذِي يَسَّرَ لَهُمْ وَيَخُصُّهُمْ بِهِ إمَّا لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ، وَأَقْرَبُ لِمَسَاكِنِهِمْ أَوْ أَبْعَدُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ عَلَيْهِمْ أَوْ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي أَوْ لِأَنَّهُمْ فَرِحُوا بِهِ، وَسَأَلُوهُ إيَّاهُ بَيْنَ ذَلِكَ، إنْ وَقْتَ طِيبِ النَّخْلِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ لَيْسَ بِوَقْتِ قِسْمَةِ ثَمَرَةِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ عَلَى الْعَامِلِ أَخْذَهَا، وَالْقِيَامَ عَلَيْهَا حَتَّى يَجْرِيَ الصَّاعُ أَوْ الْوَزْنُ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَرْصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْقِسْمَةِ إلَّا بِمَعْنَى اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْحَاجَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
1 -
(فَصْلٌ)
وَالظَّاهِرُ فِي قَوْلِهِ لِجَمَاعَتِهِمْ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْحَاجَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ سَاقَى جَمِيعَهُمْ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي جُمْلَةِ الْحَوَائِطِ، وَلَمْ يَخُصَّ كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ بِحَائِطٍ أَوْ حَوَائِطَ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قَدْ «سَاقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْبَرَ عَلَى مُسَاقَاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى النِّصْفِ، وَفِيهَا الْجَيِّدُ وَالدَّنِيءُ» ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ فِي هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَقَدَ عَلَى جَمِيعِهَا عَقْدًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي غَالِبِ الْحَالِ يَخْتَلِفُ مَا عُوقِدُوا عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ مَعَ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ، وَأَقَلَّ، وَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يُسَاقِيَ فِيهِ جَمَاعَةً.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ يَسَارٍ كَانَ يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ لِيَخْرُصَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودَ أَضَافَ الْخَرْصَ إلَيْهِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا يَخُصُّهُ لِنَفَقَةِ عِيَالِهِ، وَإِنْفَاذِهِ لِيَخْرُصَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ غَيْرَ أَنَّ لَفْظَةَ كَانَ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَأَنَّهُ تَكَرَّرَ إنْفَاذُهُ إلَيْهِمْ لِهَذَا الْمَعْنَى لِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا