. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْخِيَارِ فِيمَا بَعْدَهُ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ دَارِهِ عَلَى شَهْرٍ بِدِينَارٍ أَوْ كُلَّ عَامٍ بِدِينَارَيْنِ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْإِجَارَةِ أَنْ يَتَمَادَى عَلَى الْعَمَلِ، وَأَنْ يَتْرُكَهُ مَا شَاءَ، وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشْرَعْ الْعَامِلُ فِي عَمَلِ سَنَتِهِ فَتَلْزَمُهُ تِلْكَ السَّنَةُ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُ أُجْرَةُ جُزْءٍ وَاحِدٍ مِمَّا جَعَلَاهُ عَمَلًا عَلَى حِسَابِ الْأُجْرَةِ مِنْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى شَيْءٍ مُقَرَّرٍ يَلْزَمُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ لَزِمَهُمَا بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ حِسَابِ مَا قَرَّرَاهُ، وَلَهُمَا أَنْ يَزِيدَا مَا شَاءَا مِمَّا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا التَّرْكَ فَذَلِكَ لَهُ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا، وَجَمِيعُ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَالسَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ الْأُولَى، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَلْزَمَ فِيهِ، وَيَكُونَ الْخِيَارُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ «عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ» يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَحْدِيدُ جُزْءِ الْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ غَيْرَ أَنَّ الظَّاهِرَ الْمُسَاوَاةُ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ فَنَقَلَهُ الرَّاوِي عَلَى هَذَا اللَّفْظِ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ «أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ النِّصْفَ» وَأَبُو بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَيَقْتَضِي مَعَ ذَلِكَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحَوَائِطِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَهُ حَائِطَيْنِ عَلَى النِّصْفِ جَمِيعًا أَوْ عَلَى الثُّلُثِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَائِطِينَ نَخْلًا، وَفِي الْآخَرِ أَصْنَافُ الشَّجَرِ، وَيَكُونَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ سَقْيًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا بَعْلًا، وَبَعْضُهَا سَقْيًا فَإِنْ كَانَ عَلَى مُسَاقَاةٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَى خَيْبَرَ كُلَّهَا عَلَى النِّصْفِ، وَفِيهَا الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ» ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ بِمَعْنَى حُكْمِ الْقِرَاضِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَلَمَّا جَازَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ جِنْسَيْنِ مِنْ الْعَيْنِ وَرِقًا، وَذَهَبًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ جَازَ مِثْلُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ عَمَلٌ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ عَلَى أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ رُدَّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَاقَدَهُ السَّنَتَيْنِ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَ السَّنَتَيْنِ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا بَقِيَ، وَلَا يُفْسَخُ مَا بَقِيَ.

وَقَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مُسَاقَاةُ جَمِيعِ السَّنَتَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ بَعْضَهَا بِسَبَبِ بَعْضٍ فَقَدْ يُنْفِقُ فِي أَوَّلِ عَامٍ لِيَسْتَغِلَّ أَعْوَامًا فَإِذَا لَزِمَهُ بَعْضُ الْأَعْوَامِ لَزِمَهُ جَمِيعًا.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِنْ كَانَ فِي عُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ عَلَى أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ جَازَ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا فِي الْقِرَاضِ لِأَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ عَقْدٌ جَائِزٌ، وَعَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَقْدٌ لَازِمٌ فَإِذَا عَقَدَ مَعَهُ فِي حَائِطٍ عَلَى النِّصْفِ ثُمَّ عَقَدَ مَعَهُ فِي حَائِطٍ آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَتَعَلَّقْ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ بِالْآخَرِ فَجَازَ ذَلِكَ.

1 -

(فَصْلٌ)

وَقَوْلُهُ «فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ لِلْخَرْصِ» ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي تَكَرُّرَ خَرْصِهِ لَهُمْ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي زَاهِيهِ خَرَصَ عَلَيْهِمْ عَامًا ثُمَّ قُتِلَ بِمُؤْتَةِ فَقَدِمَ غَيْرُهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ خَرْصَ أَمْوَالِ الْمُسَاقَاةِ لِمَا يَجِبُ فِيهَا مِنْ الزَّكَاةِ لِأَنَّ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِ غَلَّةِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَنَخْلِهَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُصْرَفُ إلَّا إلَى الْأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ، وَأَمَّا غَلَّةُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يُعْطِيهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَخْرُصُهَا لِيَمِيزَ حَقَّ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِهَا.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ سَأَلْت عِيسَى عَنْ فِعْلِ «ابْنِ رَوَاحَةَ إذَا كَانَ يَخْرُصُ تَمْرَ خَيْبَرَ الَّذِي أَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015