. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْتَبَرُ بِقَوْلِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِينُ فِي الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَى مَنَافِعِهَا إنَّمَا هُوَ تَعْيِينٌ لِعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا جَازَ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَكَذَلِكَ عَلَى مَنَافِعِ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ.
(مَسْأَلَةٌ)
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ حُكْمَ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ الْمَضْمُونَةِ إلَى أَجَلٍ عَلَى تَعْجِيلِ الْكِرَاءِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ، وَهَلْ يَجُوزُ فِيهِ التَّأْخِيرُ قَالَ مَالِكٌ إذَا تَكَارَى كِرَاءً مَضْمُونًا كَالْمُتَكَارِي إلَى غَيْرِ الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ فَلْيُقَدِّمْ مِنْهُ الدِّينَارَيْنِ، وَنَحْوَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَضْمُونِ يَتَأَخَّرُ فِيهِ الرُّكُوبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَدَّمَ إلَيْهِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ الدَّنَانِيرَ حَتَّى يَأْتِيَ بِالظَّهْرِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَمْ مِنْ مُكْرٍ يَهْرَبُ بِالْكِرَاءِ أَوْ يَتْرُكُ أَصْحَابَهُ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ تَأْخِيرَ النَّقْدِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ أَكْثَرَ الْكِرَاءِ أَوْ ثُلُثَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ بِتَأْخِيرِ النَّقْدِ وَنَقْدِهِ الدِّينَارَ، وَنَحْوَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَجَلًا بَعْدَ تَبْلِيغِ الْحُمُولَةِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ لِلْحَجِّ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْكِرَاءِ لِغَيْرِ الْحَجِّ وَآخِرُ مَا قَالَهُ فِيهِ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ الْعَامَّةِ الشَّامِلَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ حَالًا وَشَرَعَ فِي الرُّكُوبُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْدٍ لِأَنَّ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ قَدْ تَعَجَّلَ وَأَخَذَهُ فِي الرُّكُوبِ وَتَمَادِيهِ فِيهِ يَقُومُ مُقَامَ اسْتِعْجَالِهِ كَمَا يَقُولُهُ فِي الْمَقَاثِي وَالْمِبْطَخَةِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لَمْ يُخْلِفْ أَكْثَرَهُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ لِسَابِقِهِ وَتَتَابُعِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالْمَرْكُوبُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَرَّفَ بِتَعْيِينٍ أَوْ وَصْفٍ فَالْمُشَاهَدُ يُشَارُ إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ اكْتَرَيْتُك هَذِهِ الرَّاحِلَةَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ الْعَبْدَ، وَالْمَوْصُوفُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ لِلْحَمْلِ وَمَا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ، وَالذَّكَرُ أَصْعَبُ مِنْ الْأُنْثَى فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَا تَتَعَيَّنُ الدَّابَّةُ وَلَا السَّفِينَةُ بِكَوْنِهَا فِي مِلْكِ الْمُكْتَرِي وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِي الَّذِي يَكْتَرِي مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا وَلَهُ دَابَّةٌ أَوْ سَفِينَةٌ أَحْضَرَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ لَهُ غَيْرَهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَحْمِلُنِي عَلَى هَذِهِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ رَكِبَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ غَيْرِهَا وَذَلِكَ عَلَى الضَّمَانِ وَمَتَى اشْتَرَطَ أَنِّي أُكْرِيكَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ بِهَلَاكِهَا أَوْ يُكْرِي مِنْهُ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ السَّفِينَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَالتَّعْيِينِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ أَيَّدَهُ اللَّهُ: وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمَضْمُونَ مَوْصُوفٌ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَا قَدْ تَوَاصَفَا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْكِرَاءِ ثُمَّ أَحْضَرَهُ مَا فِي مِلْكِهِ قَضَاءً عَنْ الْمَضْمُونِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَا تَوَاصَفَا شَيْئًا فَيَكُونَ مَا أَحْضَرَ مِنْ الرَّاحِلَةِ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ يَقُومُ مُقَامَ الْوَصْفِ لِمَا عَقَدَا عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِحْضَارُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهَذَا أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ يَحْمِلُنِي عَلَى دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَلَمْ يُسَمِّهَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِشَيْءٍ مَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَلَا يَجُوزُ إلْزَامُ الْعَقْدِ فِيهِ إلَّا عَلَى الْوَصْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعَ لَا يَخْتَصُّ بِالْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا وَإِنْ عُيِّنَتْ لِذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ كَالْوَصْفِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ تَتْلَفُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا وَخِيَاطَةِ قَمِيصٍ بِعَيْنِهِ فَتَهْلِكُ الْغَنَمُ، وَيَحْتَرِقُ الثَّوْبُ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ لَا يَنْفَسِخُ، وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُوَفِّيَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، وَيَأْتِيَ إنْ شَاءَ بِغَنَمٍ مِثْلِهَا، وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْعَيْنَ الَّتِي تُسْتَوْفَى فِيهَا الْإِجَارَةُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ قَالَ: وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلَوْ كَانَ يَخْتَصُّ الِاسْتِيفَاءُ بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ لَمَا لَزِمَ مِنْ جِهَةِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّ لَهُ بَيْعَ مَتَاعِهِ وَغَنَمِهِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ هَذَا أَحَدُ الْمَحَلَّيْنِ