. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَمْرَيْنِ لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ، وَإِلَّا كَانَ مَجْهُولًا، وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ التَّقْدِيرَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ.
(مَسْأَلَةٌ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَحَدُ نَوْعَيْ مَا عَاوَضَ فِيهِ الْمُعَاوَضَةَ الْمَحْضَةَ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ فِيهَا حَتَّى تَحْضُرَ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ اشْتَرَطَ تَأْخِيرَ النَّقْدِ إلَى الْبُلُوغِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ فِيهَا حَتَّى تَحْضُرَ فَإِذَا حَضَرَتْ جَازَتْ حِينَ النَّقْدِ بِالشَّرْعِ وَالشَّرْطِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً فَهَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رُكُوبِهَا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَنْقُدْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْغَرَرَ الْيَسِيرَ جَائِزٌ فِي الْعُقُودِ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ النَّقْلِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ أَمْرِهَا السَّلَامَةُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ فِي الْمُعَيَّنِ إلَى شَهْرٍ، وَابْتِيَاعِهِ إلَى شَهْرَيْنِ الْمَنَافِعُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا مَوْجُودَةٍ، وَلِعَدَمِ التَّعْيِينِ تَأْثِيرٌ فِي مَنْعِ التَّأْخِيرِ، وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي تَعْجِيلَ النَّقْدِ، وَالْإِجَارَةُ تَقْتَضِي تَأْخِيرَ النَّقْدِ حَتَّى تُسْتَوْفَى الْمَنَافِعُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ تَأْخِيرُ قَبْضِ الْمَنَافِعِ فِي الْعَقْدِ تَأْثِيرًا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ مُقْتَضَاهُ، وَفِي الْبَيْعِ إنْ عُجِّلَ دَخَلَهُ تَارَةً بَيْعٌ، وَتَارَةً سَلَفٌ، وَإِنْ أُخِّرَ فَقَدْ أَثَّرَ فِيهِ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ.
(فَرْعٌ)
إذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيمَا بَعُدَ، وَيَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَنْقُدَ الْكِرَاءَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ إنَّهُ مُدَّةٌ يَكْثُرُ فِيهَا تَغْيِيرُ الْحَيَوَانِ لَا سِيَّمَا مَعَ اسْتِخْدَامِ صَاحِبِهِ لَهُ، وَإِتْعَابِهِ إيَّاهُ فِيمَا يُرِيدُهُ، وَيُعْجِبُهُ فَيَحْتَاجُ بِتَغَيُّرِهِ إلَى رَدِّ الْكِرَاءِ فَيَكُونُ تَارَةً كِرَاءً وَتَارَةً سَلَفًا.
(مَسْأَلَةٌ)
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ إطْلَاقَ عَقْدِ الْكِرَاءِ فِي مَنَافِعِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَا يَقْتَضِي تَعْجِيلَ النَّقْدِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَعْطُوا الْأَجِيرَ أُجْرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ نَدَبَ إلَى تَعْجِيلِ قَضَاءِ حَقِّهِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ مَا يُعَوَّضُ عَلَيْهِ دُونَ ذِكْرِ تَأْجِيلٍ فَلَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ إلَّا عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَثْمُونِ كَالْأَعْيَانِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
إذَا أُطْلِقَ الْعَقْدُ فَإِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ عُرْفٌ مِنْ نَقْدٍ أَوْ تَأْخِيرٍ حَمَلُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَكُلَّمَا عَمِلَ جُزْءًا مِنْ الْعَمَلِ اسْتَحَقَّ بِقَدْرِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ، وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ بِعَمَلِ شَهْرٍ بِثَوْبٍ فَإِنْ كَانَ كِرَاءُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّقْدِ أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّوْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالنَّقْدِ لَمْ تَصْلُحْ الْإِجَارَةُ، وَلَا الْكِرَاءُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ النَّقْدَ، وَوَجْهُ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ مَبِيعٌ مُعَيَّنٍ لَا يُقْبَضُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْعُرُوضُ، وَالطَّعَامُ فِي هَذَا سَوَاءٌ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْكِرَاءُ بِهَذَا كُلِّهِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةُ النَّاسِ مِنْ التَّأْخِيرِ فَهُوَ عَلَى التَّعْجِيلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّأْخِيرُ تَصْرِيحًا، وَقَالَهُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا حُكْمَ لِلْعُرْفِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ، وَالْحُكْمُ لِلْعُرْفِ الصَّحِيحِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ)
وَأَمَّا إنْ شَرَطَ أَنْ يُمْسِكَهُ الثَّوْبَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ إنْ كَانَ يُمْسِكُ الثَّوْبَ لِيَلْبَسَهُ أَوْ الْخَادِمَ لِيَخْدُمَ أَوْ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يَحْبِسَ ذَلِكَ لِلِاسْتِيثَاقِ لِلْإِشْهَادِ أَوْ نَحْوَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَلَا أَفْسَخُ بِهِ الْبَيْعَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ قِصَرُ الْمُدَّةِ وَقِلَّةُ الْغَرَرِ فِيهَا فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ فَلَا كَرَاهِيَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ مَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ.
(فَصْلٌ)
فَأَمَّا الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا بِخِلَافِ السَّلَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنَافِعَ هَذَا حُكْمُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ مِنْهَا إلَّا عَلَى مَوْجُودٍ مَعَ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ فِيمَنْ