. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِجَارَةِ فَتَصِحُّ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ الَّتِي تُسْتَوْفَى فِيهَا مِنْ الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَهَلَكَتْ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فَلِذَلِكَ إذَا عَيَّنَ مَنْ يَرْكَبُهَا أَوْ الْقَمِيصَ الَّذِي يَخِيطُهُ أَوْ الْغَنَمَ الَّتِي يَرْعَاهَا يَجِبُ أَنْ تَنْفَسِخَ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ فِي الضِّئْرِ تُسْتَأْجَرُ لِرَضَاعِ صَبِيٍّ وَالطَّبِيبِ لِعِلَاجِ مَرِيضٍ أَوْ قَلْعِ ضِرْسٍ إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ وَبَرِئَ الْمَرِيضُ فَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ ضَرْبٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالْجِنْسِ، وَلَا تَخْتَلِفُ أَعْيَانُهُ كَحَمْلِ الْقَمْحِ، وَحَمْلِ الشَّعِيرِ، وَحَمْلِ الشُّقَّةِ فَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينَهُ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ حَمْلِ قَمْحٍ وَحَمْلِ قَمْحٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ فِي مِثْلِ وَزْنِهِ، وَلَا تَسْتَضِرُّ الدَّابَّةُ بِحَمْلِ أَحَدِهِمَا إلَّا مِثْلَ اسْتِضْرَارِهَا بِالْآخَرِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ أَحْضَرَ مَتَاعًا اكْتَرَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَعْيِينًا لَهُ، وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَعُدُّوهُ، وَلَا يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ، وَلَمْ يُبَدِّلْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَإِنْ حَمَلَ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي عَيْنِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْجُزْءِ مِنْ الْجُمْلَةِ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا إنَّ مَا تَسَاوَتْ حَالُهُ فِي أَنَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ فَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَتَاعُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ، وَكَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذًا جَمِيعُ الْإِجَارَةِ، وَيَأْتِي بِمِثْلِ الْمَتَاعِ يُحْمَلُ لَهُ إنْ شَاءَ.

(فَرْعٌ)

فَإِنْ شَرَطَ تَعْيِينَهُ، وَأَنْ لَا يَعْدُوَهُ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَنْ شَرَطَ فِي مَضْمُونٍ أَنَّهُ مَتَى عَيَّنَهُ ثُمَّ تَلِفَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْهُ بَطَلَ الْحَقُّ بِبُطْلَانِهِ، وَفَسَدَ الْعَقْدُ لِلشَّرْطِ الْمُدْخِلِ لِلْغَرَرِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمُونِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيهِ بِالِاسْتِيفَاءِ دُونَ الْإِحْضَارِ لِلِاسْتِيفَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ سَلَّمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَحْضَرَهُ صُبْرَةً مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَتَلِفَ قَبْلَ الْكَيْلِ أَنَّهُ يَبْطُلُ السَّلَمُ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُبْطِلُ السَّلَمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى وَصْفِ الرَّاكِبِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَجْسَامَ فِي الْأَغْلَبِ مُتَقَارِبَةٌ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينِهِ بِالْوَصْفِ، وَلَا بِالرُّؤْيَةِ فَإِنْ جَاءَ بِرَجُلٍ فَادِحٍ عَظِيمِ الْخَلْقِ خَارِجٍ عَنْ الْمُعْتَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ، وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ إلَّا بِالْمُعْتَادِ دُونَ النَّادِرِ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي ضَرْبٌ تَخْتَلِفُ أَعْيَانُهُ بِتَبَايُنِ أَغْرَاضِهِ كَالْعَلِيلِ يَسْتَأْجِرُ الطَّبِيبَ عَلَى عِلَاجِهِ، وَالْمُرْضِعُ تَسْتَأْجِرُ الضِّئْرَ عَلَى رَضَاعِهِ، وَالْمُعَلِّمُ يُسْتَأْجَرُ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّبِيِّ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ مِنْهُ عَلَى مَضْمُونٍ فِي الذِّمَّةِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَتَفَاوُتِهِمْ فِي أَمْرَاضِهِمْ وَاخْتِلَافِ الْأَطْفَالِ فِي كَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ مَعَ مَشَقَّةِ تَنَاوُلِ أَحْوَالِ بَعْضِهِمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ وَالصَّنَائِعَ يَتَفَاوَتُونَ فِي التَّعْلِيمِ لِلِاخْتِلَافِ فِي الذَّكَاءِ وَقَبُولِ التَّعَلُّمِ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ تَخْتَلِفُ أَعْيَانُهُ اخْتِلَافًا يَسِيرًا كَالْغَنَمِ وَالْمَاشِيَةِ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهَا مَنْ يَرْعَاهَا وَيَحْفَظُهَا فَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَسُكُونِهَا وَأُنْسِهَا، وَلَيْسَ بِكَبِيرِ اخْتِلَافٍ فَفِي مِثْلِ هَذَا الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ لِتَقَارُبِ أَحْوَالِ الْجِنْسِ مِنْهَا، وَأَمَّا صِفَةُ الْعَقْدِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَصْلُحُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَرْطِ خَلَفِ مَا هَلَكَ مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَالْحُكْمُ يُوجِبُ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ فَكَالصِّفَّةِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ)

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى حَصَادِ زَرْعٍ فِي بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ إنْ هَلَكَ الزَّرْعُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِجَارَةُ قَائِمَةٌ، وَيَسْتَعْمِلُهُ فِي مِثْلِهِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ اخْتِلَافُ حَالِ الْبُقَعِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، وَتَغَيُّرِ الْمِثْلِ لَا سِيَّمَا فِيمَا يَقْرُبُ، وَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ رِفْقٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ عَمَلَ الْحَصَادِ لَا يَخْتَلِفُ فِي الزَّرْعِ فَلِذَلِكَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ عَلَى حَصَادِهِ كَحَمْلِ الْأَحْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015