. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً زَادَتْ لَهُ أَعْطَاهُ النَّفَقَةَ مَعَ الثَّمَنِ فَإِنْ نَقَصَتْ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَبِيعَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً كَانَ لِلْأَوَّلِ الْعِوَضُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَلِفَتْ، وَلَمْ تُؤْثَرُ زِيَادَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا، وَهَذَا وَجْهٌ يَتَلَخَّصُ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ إذَا كَانَ قَدْ ذَكَرَ الْبَائِعُ إلَى السَّائِمِ مِمَّا يَعْرِفُ بِهِ أَنَّهُ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَتَهُ، ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الشِّرَاءِ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِحَالَةِ الِاتِّفَاقِ دُونَ أَشَدِّ الْمُسَاوَمَةِ، وَوَقْتِ الِاخْتِلَافِ، وَهُوَ عَلَى مَا قَالَ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَوْ مَنَعَ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ مَتَاعٍ مَعَ تَبَايُنِ مَا بَيْنَهُمَا وَتَبَاعُدِهِمَا لَفَسَدَتْ بِذَلِكَ حَالُ كُلِّ بَائِعٍ فَمَا كَانَ أَحَدٌ شَاءَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ بَيْعِ السِّلْعَةِ إلَّا سَاوَمَهُ بِهَا، وَأَعْطَاهُ عُشْرَ ثَمَنِهَا فَإِذَا خَرَجَ عَلَى غَيْرِ الْمُسَاوَمَةِ بِهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْهُ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيْنَ الْبَائِعِ، وَمَنْعٌ مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ إلَّا بِالْيَسِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا مِمَّنْ يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ مُسَاوَمَتِهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَهَذَا فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ فَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ خَارِجٌ عَمَّا نَهَى عَنْهُ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِلسُّلْطَانِ فِيمَا بِيعَ عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ يَتَأَنَّى ثَلَاثًا عَسَى بِزَائِدٍ أَنْ يَزِيدَ، وَفِي بَيْعِ الْعَقَارِ يُنَادِي عَلَيْهِ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ بِصِفَتِهِ وَنَعْتِهِ وَتَسْمِيَةِ مَا فِيهِ فَإِذَا بَلَغَ مُنْتَهَاهُ عَلَى أَحَدٍ اسْتَأْنَاهُ ثَلَاثًا قَبْلَ الْإِيجَابِ يَكُونُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلسُّلْطَانِ لَا لِلْمُبْتَاعِ فَإِنْ زِيدَ عَلَيْهِ قَبِلَهُ، وَإِلَّا لَزِمَهُ فَإِذَا أَوْجَبَهُ ثُمَّ جَاءَ مَنْ يَزِيدُ لَمْ تُقْبَلْ زِيَادَتُهُ، وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ، وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَنْ يَقِفَ الرَّجُلُ بِسِلْعَتِهِ يَسُومُ بِهَا مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا أَوْ يَجْلِسُ بِهَا فِي حَانُوتٍ أَوْ مَكَان فَمَنْ مَرَّ بِهِ سَاوَمَهُ عَلَيْهَا فَهَذَا إذَا رَكَنَ إلَى الْمُبْتَاعِ فَهُوَ الَّذِي نُهِيَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى بَيْعِهِ أَحَدٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى أَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَهُ عَلَى الْمُسَاوِمَةِ، وَمَنْ فَارَقَهُ، وَلَمْ يُوجِبْهُ أَوْ رَدَّ مَا أَعْطَاهُ مِنْ السَّوْمِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَهُ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَبَيْعُ الْمُزَايَدَةِ هُوَ الرَّجُلُ يَعْرِضُ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ يَمْشِي بِهَا عَلَى مَنْ يَشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ، وَيَطْلُبُ زِيَادَةَ مَنْ يَزِيدُ فِيهَا فَهَذَا لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا قَبْلَ الْإِيجَابِ، وَيَلْزَمُ مَنْ زَادَ فِيهَا شِرَاؤُهَا بِمَا زَادَ، وَإِنْ فَارَقَهُ بِغَيْرِ الْإِيجَابِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ بِمَا زَادَ فِيهَا، فَإِذَا أَوْقَع الْإِيجَابَ لَهُ لَمْ تُقْبَلْ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ.
1 -
(فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ «وَلَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ» يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَلَقِّي مَنْ يَجْلِبُ السِّلَعَ فَيَبْتَاعُ مِنْهُمْ قَبْلَ وُرُودِ أَسْوَاقِهَا، وَمَوَاضِعِ بَيْعِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّلَقِّي فِيمَا بَعُدَ عَنْ مَوْضِعِ الْبَيْعِ أَوْ قَرُبَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الْحَاضِرَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا فِيهِ مُضِرَّةٌ عَامَّةٌ عَلَى النَّاسِ لِأَنَّ مَنْ تَلَقَّاهَا أَوْ اشْتَرَاهَا غَلَّاهَا عَلَى النَّاسِ وَانْفَرَدَ بِبَيْعِهَا، فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِيَصِلَ بَائِعُوهَا بِهَا إلَى الْبَلَدِ فَيَبِيعُونَهَا فِي أَسْوَاقِهَا فَيَصِلُ كُلُّ أَحَدٍ إلَى شِرَائِهَا وَالنَّيْلِ مِنْ رُخْصِهَا.
(مَسْأَلَةٌ)
وَكَذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ خُرُوجِ أَهْلِ مِصْرَ إلَى الْإِصْطَبْلِ مَسِيرَةَ مِيلٍ، وَنَحْوِهِ أَيَّامَ الْأَضْحَى يَتَلَقَّوْنَ الْغَنَمَ يَشْتَرُونَهَا قَالَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الضَّحَايَا مَتَى تَرِدُ سُوقَهَا رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا تَلَفٌ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ مَا جُلِبَ إلَى سُوقِ بَيْعِهِ فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ كَالْبُعْدِ.
(مَسْأَلَةٌ)
وَهَذَا فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَبْلِيغِهِ الْأَسْوَاقَ، وَلَا مَضَرَّةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا مَا كَانَ يَضُرُّ بِالنَّاسِ تَبْلِيغُهُ الْأَسْوَاقَ كَالْفَوَاكِهِ وَالثِّمَارِ الَّتِي يَلْحَقُ أَهْلَ الْأُصُولِ ضَرَرٌ بِتَفْرِيقِ بَيْعِهَا وَمُحْتَاجُونَ إلَى بَيْعِهَا جُمْلَةً مِمَّنْ يَجْنِيهَا أَوْ يُبْقِيهَا فِي أَصْلِهَا، وَيُدْخِلُهَا إلَى الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى بِقَدْرِ مَا يَتَأَتَّى لَهُ مِنْ بَيْعِهَا فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْأَجِنَّةِ الَّتِي تَكُونُ حَوْلَ الْفُسْطَاطِ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ يَخْرُجُ إلَيْهَا التُّجَّارُ فَيَشْتَرُونَهَا