. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَحْمِلُونَهَا فِي السُّفُنِ إلَى الْفُسْطَاطِ لِلْبَيْعِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ هُوَ مِنْ التَّلَقِّي.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّلَقِّي، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِي التُّجَّارِ يَشْتَرُونَ الْغَنَمَ مِنْ الرِّيفِ فَيَسِيرُونَ عَلَى مِثْلِ مِيلٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي مَرَاعِيهَا، وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ إدْخَالُهَا كُلِّهَا أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ أَرْفَقَ بِهِمْ فَيَبِيعُونَهَا فَيُدْخِلُهَا الْمُشْتَرِي قَلِيلًا قَلِيلًا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّلَقِّي.

وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَرَاهُ مِنْ التَّلَقِّي وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذَا وَجْهُ بَيْعِ الْجَلَّابِ لَهَا، وَتَلْحَقُهُ الْمَضَرَّةُ فِي أَخْذِهِ بِإِدْخَالِهَا، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إفْسَادِهَا وَتَغَيُّرِهَا، وَطُولِ مَقَامِهِ عَلَيْهَا.

(مَسْأَلَةٌ)

وَمَا أُرْسِيَ بِالسَّاحِلِ مِنْ السُّفُنِ بِالتُّجَّارِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ فَيَبِيعُهُ بِهَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ وَالْفَسَادَ فَلَا يَصْلُحُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحُكْرَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مُنْتَهَى سَفَرِ الْوَارِدِ فَلَا يُكَلَّفُ سَفَرًا آخَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضِرٌّ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ السَّفَرَانِ فِي الْبَرِّ، وَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ أَحَدُهُمَا مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى السِّلَعِ فَيَتَلَقَّاهَا وَيَشْتَرِيهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَسْوَاقَهَا، وَالثَّانِي أَنْ يَرِدَ خَبَرُهَا قَبْلَ أَنْ تَرِدَ فَيَشْتَرِيَهَا مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ قَبْلَ وُصُولِهَا، وَالثَّالِثُ أَنْ تَمُرَّ بِمَنْزِلِهِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى أَسْوَاقِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ جَاءَهُ طَعَامٌ أَوْ بَزٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَوَصَلَ إلَيْهِ خَبَرُهُ وَصِفَتُهُ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَيُخْبَرُ بِذَلِكَ فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُ رَجُلٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَهَذَا مِنْ التَّلَقِّي، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ شِرَاءُ السِّلَعِ قَبْلَ وُصُولِهَا الْأَسْوَاقَ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ عَلَى هَذَا بِوُصُولِ السِّلَعِ وَوُصُولِ بَائِعِهَا، وَلَوْ وَصَلَتْ السِّلَعُ السُّوقَ وَلَمْ يَصِلْ بَائِعُهَا فَخَرَجَ إلَيْهِ مَنْ يَتَلَقَّاهُ وَيَشْتَرِيهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ إلَى الْأَسْوَاقِ وَيَعْرِفَ الْأَسْعَارَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي الْمَمْنُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَأَمَّا إذَا مَرَّتْ بِمَنْزِلِهِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى أَسْوَاقِهَا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُهُ خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ بِطَرَفِ الْمِصْرِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّوقِ فَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَرَّتْ بِهِ السِّلَعُ وَمَنْزِلُهُ بِقُرْبِ الْمِصْرِ الَّذِي هَبَطَ إلَيْهِ بِتِلْكَ السِّلَعِ، وَمِنْ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَمِثْلُ الْعَقِيقِ مِنْ الْمَدِينَةِ فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا لِلْأَكْلِ وَلِلْقِنْيَةِ أَوْ لِيَلْبَسَ أَوْ لِيُضَحِّيَ أَوْ يُهْدِيَ وَنَحْوُهُ فَأَمَّا لِلتِّجَارَةِ فَلَا، وَلَا يَبْتَاعُهَا مَنْ مَرَّتْ بِبَابِ دَارِهِ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ التِّجَارَة.

(فَرْعٌ)

وَهَذَا فِيمَا كَانَ لَهُ سُوقٌ قَائِمٌ مِنْ السِّلَعِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سُوقٌ فَإِذَا دَخَلَتْ بُيُوتَ الْحَاضِرَةِ وَالْأَزِقَّةَ جَازَ شِرَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ السُّوقَ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

وَإِذَا بَلَغَتْ السِّلْعَةُ مَوْقِفَهَا ثُمَّ انْقَلَبَ بِهَا بَائِعُهَا، وَلَمْ تُبَعْ أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مَنْ مَرَّتْ بِهِ أَوْ مِنْ دَارِ بَائِعِهَا مِنْ الْوَاضِحَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْجَالِبِ بِبُلُوغِهِ السُّوقَ، وَعَرْضِهَا فِيهَا لِلسِّلَعِ، وَانْتَقَلَ إلَى حُكْمِ الْمُحْتَكِرِ، وَذَلِكَ مُبَاحٌ يَشْتَرِي مِنْهُ حَيْثُ شَاءَ.

(فَصْلٌ)

إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ التَّلَقِّي مِنْ إنْسَانٍ فَلِمَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُنْهَى فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَشْهَبَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ يُنْزَعُ مِنْهُ مَا ابْتَاعَ فَتُبَاعُ لِأَهْلِ السُّوقِ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنْ يُرَدَّ شِرَاؤُهُ، وَتُرَدَّ عَلَى بَائِعِهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَجْهُ فَسَادٍ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّلَقِّي الْحَرَجُ لِمَنْ فَعَلَهُ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ أَخْذَ مَا اشْتَرَاهُ، وَانْتِزَاعَهُ مِنْهُ، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ حَظًّا فِيمَا اشْتَرَوْهُ كَمَا لَوْ حَضَرُوا مُسَاوَمَتَهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ، وَمَا نَهَى عَنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَهَذَا قَدْ قَالَ بِهِ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

(فَرْعٌ)

فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ السِّلْعَةَ تُعْرَضُ لِأَهْلِ السُّوقِ فَمَا رَبِحَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ، وَمَا كَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015