الأئمة، وكان وافرا وقورا سخيا محمود السيرة، ورد بغداد فسمع بها من جماعة منهم أبو طالب بن يوسف، وقد سمع ببلده وبالكوفة، وأملى ببخارى.
وتوفي في هذه السنة.
كان فيه فضل حسن، وله شعر مليح إلا أنه كان متجرئا كثير الهجو، وكان قد خلع 149/ ب عليه المسترشد باللَّه/ ولقبه جمال الملك، وأعطاه أربعة آدر في درب الشاكرية، وكان هو قد اشترى دورا إلى جانبها، فهدم الكل وأنشأ دارا كبيرة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذع ومائتي ألف آجرة، وأجرى له إدرارا في كل سنة، فظهر أنه يكاتب دبيسا، وسبب ظهور ذلك أنه كان في المسجد الذي يحاذي دار السماك رجل يقال له مكي يصلي بالناس ويقرئ القرآن، فكان إذا جاء رسول دبيس أقام عند ذلك الإمام بزي الفقراء فاطلع على ذلك بواب ابن أفلح، واتفق أن ابن افلح غضب على بوابه فضربه فاستشفع بالناس عليه، فلم يرده، فمضى وأطلع صاحب الشرطة على ذلك فمضى فكبس المسجد وأخذ الجاسوس، وهرب ابن أفلح وإمام المسجد، وأمر المسترشد بنقض داره، وكان قد غرم عليها [عشرين] [1] ألف دينار، وكان طولها ستين ذراعا في أربعين، وقد أجريت بالذهب وعملت فيها الصور وفيها الحمام العجيب فيه بيت مستراح فيه بيشون [2] ، إن فركه الإنسان يمينا خرج الماء حارا، وإن فركه شمالا خرج باردا، وكان على أبواب الدار مكتوب:
إن عجب الزوار من ظاهري ... فباطني لو علموا أعجب
شيدني من كفه مزنة ... يحمل منها العارض الصبب
ودبجت روضة أخلاقه ... في رياضا نورها مذهب
صدر كسا صدري من نوره ... شمسا على الأيام لا تغرب
وكان على الطراز مكتوب:
ومن المروءة للفتى ... ما عاش دار فاخره