الصواب، فإن وثقت بأنك ذو ملك وسلطان، وعزة ومكان، فإنك قد نزعت يدك من سلطانك، وفارقت عشيرتك ومكانك، وألقيتها فِي يدي/ من لست آمن عليك مكره وغدره، فإن كنت ولا بد فاعلا، ولهواك تابعا، فإن القوم أن يلقوك غدا فرقا وساروا أمامك، وجاء قوم وذهب قوم فالأمر بعد فِي يدك، والرأي فيه إليك، فإن تلقوك زردقا واحدا، وقاموا لك صفين حَتَّى إذا توسطتهم انقضوا عليك من كل جانب فأحدقوا بك فقد ملكوك وصرت فِي قبضتهم، وهذه العصا [1] لا تسبق غبارها- وكانت لجذيمة فرس تسبق الطير، وتجاري الرياح يقال لها: عصا- فإذا كان كذلك فتجلل ظهرها، فهي ناجية بك إن ملكت ناصيتها، فسمع جذيمة كلامه، ولم يرد جوابا، وسار.

وكانت الزباء لما رجع رسول جذيمة من عندها قالت لجندها: إذا أقبل جذيمة [غدا] [2] فتلقوه بأجمعكم وقوموا له صفين من عَنْ يمينه ومن [3] عَنْ شماله، فإذا توسط جمعكم فتفوضوا عَلَيْهِ من كل جانب حَتَّى تحدقوا به، وإياكم أن يفوتكم.

وسار جذيمة وقصير عَنْ يمينه، فلما لقيه القوم زردقا [4] واحدا قاموا له صفين، فلما توسطهم انقضوا عَلَيْهِ من كل جانب انقضاض الأجدل [5] عَلَى فريسته [6] ، فأحدقوا به [7] ، وعلم أنهم قد ملكوه، وكان قصير يسايره، فأقبل عَلَيْهِ، وَقَالَ: صدقت يا قصير.

فَقَالَ قصير: أيها الملك، «أبطأت بالجواب حَتَّى فات الصواب» . فأرسلت [8] مثلا.

فَقَالَ: كيف الرأي الآن؟ فَقَالَ: هَذِهِ العصا فدونكها، لعلها تنجو بك [9]- أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015