ولم يزالوا كذلك لا يدينون للأعاجم ولا تدين لهم الأعاجم [1] إِلَى أن قدم الأنبار تبع- وهو/ أسعد أَبُو كرب بْن مليكرب [2]- فِي جيوشه، فخلف بها من لم يكن فيه قوة للقتال [3] ، وخرج للغزو.
ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة، وما بين الحيرة إِلَى طف الفرات وغربيه فِي الأبنية والمظال، لا يسكنون بيوت المدر [4] . وكانوا يسمون: عرب الضاحية، فكان أول من ملك منهم فِي زمان ملوك الطوائف مالك بْن فهم، وكان منزله فيما يلي الأنبار.
ثم مات [مالك] [5] ، فملك بعده أخوه عمرو بْن فهم، ثم هلك [6] فملك بعده جذيمة بْن الأبرش [بْن مالك] [7] بْن فهم بْن غنم [8] بْن دوس الأزدي، وكان من قبل أردشير بْن بابك [9] .
وكان من أفضل ملوك العرب رأيا، وأشدهم نكاية، وأبعدهم غورا [10] ، وهو أول من استجمع له الملك بأرض العراق، وضم إليه العرب، وكان به برص، فكنت [11] العرب عنه إعظاما له. فقيل: جذيمة الوضاح، وجذيمة الأبرش، وكانت منازله فيما بين الحيرة والأنبار [وبقة] [12] وهيت [وناحيتها] [13] ، وعين التمر، وأطراف البر.