وكان لا ينادم أحدا كبرا، بل ينادم الفرقدين، فإذا شرب قدحا صب لها قدحا.
وكانت تجبى [1] إِلَيْهِ الأموال، وتفد عَلَيْهِ [2] الوفود، فخرج إِلَى غزو طسم وجديس، فأصاب حسان بْن تبع قد أغار عَلَى طسم وجديس، فانكفأ جذيمة راجعا بمن معه [3] .
وكانت فيهم الزرقاء، واسمها: اليمامة، وبها سمي بلدها: اليمامة، وهي [4] من بنات لقمان بْن عاد، وقيل: هي من جديس وطسم.
فلما قصدهم جيش حسان بْن تبع بقي بينه وبينهم مسيرة ثلاثة أيام، فأبصرتهم وقد حمل كل رجل منهم شجرة يسير بها، فقالت: «تاللَّه [5] ، لقد دب الشجر- أو حمير قد أخذت شيئا تجر» . فلم يصدقوها، فقالت: «أقسم باللَّه لقد رأى رجلا منهم ينهش كتفا أو يخصف نعلا» ، فلم يستعدوا.
فصبحهم حسان فاجتاحهم، فأخذها فشق عينيها [6] ، وإذا فيها عروق من الأثمد [7] .
قَالَ مؤلف الكتاب [8] : وبنظر هَذِهِ المرأة يضرب المثل. / وكانت زرقاء اليمامة قد نظرت إِلَى سرب من حمام طائر [9] ، [فإذا فيه] [10] ست وستون حمامة، وعندها حمامه واحدة، فقالت:
ليت الحمام ليه ... إِلَى حمامتيه ونصفه قديه
ثم الحمام مية