دينار على تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك. قَالَ: فقلت له: جعلت فداك، أترد هذه النفقة مع فاقتك وشدة إضاقتك؟ فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله تعالى، ولست أرى إن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله عز وجل وحمية له. قَالَ: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
فاختلف من بالحضرة في إعراب «رجل» فمنهم من نصبه، ومنهم من رفعه، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه. قَالَ أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه سألني عن البيت، فقلت: الوجه النصب. قَالَ: ولم ذلك؟ فقلت: إن «مصابكم» مصدر بمعنى إصابتكم، «فالرجل» مفعول «مصابكم» ومنصوب به. فقال: هل لك من ولد؟ قلت: بنية. قَالَ: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت: قول بنت الأعشى- على ما سبق- فأمر لي بألف دينار وردني مكرما.
قَالَ أبو العباس: فلما عاد إلى البصرة قَالَ: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا مائة فعوضنا الله ألفا.
توفي المازني في هذه السنة، وقيل سنة سبع وأربعين.
ولد ببغداد ونشأ بها وأبوه من أبناء خراسان، وكان جعفر من أهل الفضل والأدب، ووسوس فِي أثناء عمره.
أَخْبَرَنَا منصور، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين الجازري، حَدَّثَنَا المعافي بْن زكريا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد أبو عمر اللغوي قَالَ: سمعت أَحْمَد بن سليمان العبدي [3] قَالَ: حدثني خالد الكاتب قَالَ: ارتج علي وعلى دعبل وآخر من