فقال ذو الرئاستين: بك حاجة إلى مالك وأهلك، فإن منعك صار إلى خلع عهده، وحملك على محاربته، وأنا أكره أن تكون أنت المستفتح باب الفرقة [1] .

قَالَ: فاكتب إليه: أما بعد، فإن نظر أمير المؤمنين للعامة نظر من لا يقتصر على إعطاء النصفة من نفسه حتى يتجاوزها إليهم ببره وصلته، / فإذا كان للعامة، فأحر بأن يكون ذَلِكَ بصنوه، وقد علم أمير المؤمنين حالا أنا عليها من ثغور حللت بين لهواتها، وأخبار لا تزال تنكث رأيها، وقلة الخراج قبلي، والأهل والمال والولد قبل أمير المؤمنين، وما للأهل- وإن كانوا في كفاية أمير المؤمنين فكان لهم والدا- بد من النزوع إلى كنفي، وقد وجهت لحمل العيال وحمل المال، فرأى أمير المؤمنين في إجازة فلان إلى لرقة في حمل ذلك. والسلام [2] .

فكتب الأمين: أما المال فمن مال الله، وأمير المؤمنين يستظهر لدينه، وبه إلى ذَلِكَ حاجة في تحصين أمور المسلمين، فكان أولى به، وأما الأهل فلم أر من حملهم ما رأيت من تعريضهم للتشتيت، فإن رأيت ذلك وجهتهم مع الثقة.

فلما وصل الكتاب قال ذو الرئاستين: الرأي حسم ما يوجب الفرقة، فإن تطلع إليها فقد تعرض للَّه بالمخالفة وتعرضت بالتأييد والمعونة [3] .

ودس الفضل بن سهل أقواما يكاتبونه بالأخبار اختارهم لذلك، وكان أول ما دبر الفضل أن أقام الأجناد، وأشخص طاهر بن الحسين، فورد الري، فنزلها ووجه الأمين عصمة بن أحمد بْن سالم إلى من بهمدان أن يكون في ألف رجل، وولاه حرب كور الجبل، وأمره أن يقيم بهمدان، وأن يوجه مقدمته إلى ساوة، وجعل الفضل بن الربيع وعلي بن عيسى يحثان محمدا على/ خلع المأمون [4] .

وفي هذه السنة في ربيع الأول: عقد الأمين لابنه موسى على جميع ما استخلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015