وكان أول ما أخذ له البيعة بشر بن السميدع، وكان واليا على بلد، ثم أخذها صاحب مكة وصاحب المدينة على خواص من الناس قليل، دون العامة ونهى الفضل بن الربيع عن ذكر عبد الله والقاسم، والدعاء لهما على شيء من المنابر، ودس لذكر عبد الله والوقيعة فيه. ووجه إلى مكة كتابا مع رسول من حجبة البيت في أخذ الكتابين اللذين كان هارون اكتتبهما، وجعلهما في الكعبة، فقدم بهما عليه، وتكلم في ذلك بقية الحجبة، فلم يحفل بهم، فلما أتاه بهما أجازه بجائزة عظيمة ومزقهما [1] .
/ وكان محمد قد كتب إلى المأمون قبل مكاشفة المأمون إياه بالخلاف يسأله أن يتجافى لَهُ عن كور من كور خراسان سماها له، وأن يوجه العمال إليها من قبله، وأن يحتمل توجيه رجل من قبله يوليه البريد ليكتب إليه بخبره، فاشتد ذلك على المأمون، وشاور في ذلك الفضل بن سهل وأخاه الحَسَن، ثم كتب إِلَيْهِ:
قد بلغني كتاب أمير المؤمنين يسألني التجافي عن مواضع سماها مما أثبته الرشيد في العقد، وجعل أمره إلي، ولو لم يكن ذلك مثبتا بالعهود والمواثيق المأخوذة، ثم كنت على الحال التي أنا عليها من إشراف عدو مخوف الشوكة، وجنود لا تستتبع طاعتها إلا بالأموال، لكان في ذلك نظر أمير المؤمنين لعامته، وما يحب من لم أطرافه ما يوجب عليه أن يقسم له كثيرا من عنايته، وأن يستصلحه ببذل كثير من ماله، فكيف بمسألة ما أوجبه الحق، ووكد به مأخوذ العهد [2] .
وكان المأمون قد وجه حارسه إلى الحد، فلا يجوز رسول من العراق حتى يوجهوه مع ثقات من الأمناء، ولا يستعلم خبرا ولا يؤثر أثرا فحصن أهل خراسان من أن يستمالوا برغبة ورهبة، أو يحملوا على مخالفة. ثم وضع على مراصد الطرق ثقات من الحراس لا يجوز عليهم إلا من لا يدخل الظنة في أمره [3] ، فيسلم ممن يدخل موغلا في هيئة السابلة والطارئة. وفتّشت [4] الكتب.