وروى الصولي قال: حدثني حسين بن يحيى قَالَ: سمعت هبة الله بن إبراهيم بن المهدي يحدث عنه أَبِيهِ قال: أحب الرشيد أن يعرف حقيقة علته، وعلم أن ابن يختيشوع يكتمه، فواطأ إنسانا من أهل طوس وسأله أن يلاطف بختيشوع، ففعل، ثم أعطى الرجل ماءه وقال له: اذهب به إلى ابن بختيشوع على أنه ماء لمريض لك. ففعل الرجل ذَلِكَ، فلما رأى ابن بختيشوع الماء قَالَ لبعض من معه: كأنه والله ماء الرجل ففطن الذي جاء بالماء، فقال لابن بختيشوع: اتق الله في، فإن بيني وبين [1] هذا الرجل/ معاملات، فإن كان يعيش لم استقص عَلَيْهِ، وأن كان يموت فرغت مما بيني وبينه.
فَقَالَ: تريد أن أصدقك؟ قَالَ: نعم. قال: صاحب هذا الماء لا يعيش إلا أياما. فعاد الرسول وأخبر الرشيد بذلك. وعلم ابن بختيشوع بالأمر، فاختفى إلى أن مات الرشيد، ولما قرب موت الرشيد جعل يقول:
إني بطوس مقيم ... ما لي بطوس حميم
أرجو إلهي لما بي ... فإنه بي رحيم
لقد أتاني بطوس ... قضاؤه المحتوم
[2] وقَالَ: (احفروا لي قبرا. فحفروا له في ذلك البستان. فَقَالَ: احملوني أنظر إِلَيْهِ.
فحمل فنظر إليه، فجعل يَقُولُ: أغثني أغثني، وارحم عبرتي. ثم قَالَ: قربوني قليلا.
فقربوه، فنظر في القبر فقال: وسعوا عند الصدر قليلا. ففعلوا، وهو ينظر، وأنزل قوما فختموا فيه القرآن، وقَالَ: مدوا موضع الرجلين. ففعلوا، وهو في محفة على شفير القبر، ثم شخص ببصره إلى السماء وقال: يا من لا يموت، ارحم من يموت، يا من لا يزول ملكه، ارحم من قد زال ملكه [3] . ثم بكى بكاء شديدا، وأنشد:
/ أنا ميت وعز من لا يموت ... قد تيقنت أنني سأموت
ليس ملك يزيله الموت ملكا ... إنما الملك ملك من لا يموت
وتوفي ليلة الأحد، وقيل: ليلة السبت نصف الليل، لغرّة جمادى الأولى، لثلاث