بمعصية خلفاء اللَّه وأهل بيت نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا تخالفن إمامك ولا ترجعن إلا بإذنه. فوافاه كتابه على تلك الحال فزاده رعبا وهما، فأرسل إِلَى أبي حميد وإلى مالك فَقَالَ لهما:

إني قد كنت عازما على المضي إِلَى خراسان، ثُمَّ رأيت أن أوجه أبا إسحاق إِلَى أمير المؤمنين، فيأتيني برأيه، فإنه ممن أثق به، وَكَانَ صاحب حرس أبي مسلم، فوجهه، فلما قدم تلقاه بنو هاشم بكل مَا يحب، وَقَالَ لَهُ أَبُو جعفر: اصرفه عَنْ وجهه، ولك ولاية خراسان، وأجازه.

فرجع أَبُو إسحاق إِلَى أبي مسلم فَقَالَ لَهُ: مَا أنكرت شيئا، رأيتهم معظمين لحقك، يرون لك مَا يرون لأنفسهم، وأشار عليه أن يرجع إِلَى أمير المؤمنين فيعتذر إِلَيْهِ مما كَانَ منه، فاجمع على ذلك، فَقَالَ لَهُ نيزك: قَدْ أجمعت على الرجوع؟ قَالَ: نعم.

وتمثل:

مَا للرجال مَعَ القضاء محالة ... ذهب القضاء بحيلة الأقوام

فَقَالَ: أما إذا اعتزمت على هَذَا فخار اللَّه لك، احفظ عني واحدة: إذا دخلت عليه فأقتله ثم بايع لمن شئت، فإن الناس لا يخالفونك.

فكتب أَبُو مسلم إِلَى أبي جعفر يخبره أنه منصرف إِلَيْهِ، فبينا كتاب أبي مسلم بين 6/ أيدي أبي جعفر إذ دخل عليه أَبُو أيوب، فرمى أَبُو جعفر إِلَيْهِ بالكتاب، فقرأه فَقَالَ/ والله لئن ملأت عيني منه لأقتلنه. فاغتم أَبُو أيوب وَقَالَ فِي نفسه: لئن قتله لا يترك أصحابه أحدا ممن يتعلق بأبي جعفر حيا.

وَقَالَ إسحاق الموصلي: لما عزم المنصور على الفتك بأبي مسلم هاب ذلك عمه عيسى بْن عَلِيّ، فكتب إِلَيْهِ يَقُول:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا تدبر ... فإن فساد الرأي أن تتعجلا

فوقع المنصور فِي كتابه:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا

ولا تهمل الأعداء يوما بقدرة ... وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا

قَالَ أَبُو إسحاق: والشعر للمنصور.

ثُمَّ سار أَبُو مسلم، فلما دنا من المدائن أمر أمير المؤمنين الناس فتلقوه، فدخل أَبُو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015