أيوب على أبي جعفر فَقَالَ: هَذَا الرجل يدخل العشية، فما تريد أن تصنع؟ قَالَ: أريد أن أقتله حين أنظر إِلَيْهِ. فَقَالَ: إن دخل عَلَيْك ولم تخرج [1] لم آمن البلاء، ولكن إذا دخل عليك فأذن له أن ينصرف، فإذا غدا عَلَيْك رأيت رأيك.

فلما دخل عليه سلم وقام قائما على قدميه بين يديه. فَقَالَ: انصرف يا عَبْد الرَّحْمَنِ فأرح نفسك، وادخل الحمام، فإن للسفر قشفا، ثُمَّ أغد علي. فانصرف، ثُمَّ ندم أَبُو جعفر، وافترى على أبي أيوب وَقَالَ: متى أقدر على هَذِهِ الحال ولا أدري مَا يحدث فِي ليلتي!.

فلما أصبحوا جاء أَبُو أيوب فَقَالَ لَهُ أَبُو جعفر: يا ابْن اللخناء، لا مرحبا بك، أنت منعتني منه أمس، والله مَا غمضت عيني الليلة. ثُمَّ شتمه حَتَّى خاف أن يأمر بقتله. ثُمَّ قَالَ: ادع لي عثمان بْن نهيك. فدعاه فَقَالَ: يا عثمان، كيف بلاء أمير المؤمنين عندك؟

فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنما أنا عبدك، والله لو أمرتني أن أتّكىء على سيفي حَتَّى يخرج من ظهري لفعلت. قَالَ: كيف أنت إن أمرتك بقتل/ أبي مسلم- فوجم ساعة لا 6/ ب يتكلم. فقال له أبو أيوب: مالك لا تتكلم؟ فَقَالَ بصوت ضعيف: أقتله. قَالَ: انطلق فجيء بأربعة من وجوه الحرس أقوياء، فمضى، فلما كَانَ عند الرواق ناداه: يا عثمان يا عثمان، ارجع واجلس وأرسل من تثق به من الحرس فليحضر منهم أربعة. فلما حضروا قَالَ لهم أَبُو جعفر نحوا مما قَالَ لعثمان، فقالوا: نقتله. قَالَ: كونوا خلف الرواق. فإذا صفقت فاخرجوا فاقتلوه [2] .

فأرسل إِلَى أبي مسلم رسلا بعضهم على أثر بعض، فقالوا: قَدْ ركب إلى عيسى بن موسى. فدعا له عيسى بالغداء، ثُمَّ خرج إِلَى أبي جعفر وأبو نصر حاجبه بين يديه وحربته معه، فلما قربا من الباب خرج سلام الحاجب فَقَالَ: انزل. فنزل فدخل الدهليز وأغلق الباب دونه، فَقَالَ أَبُو مُسْلم: يدخل خاصة أصحابي، فَقَالَ لَهُ الربيع: لم نؤمر بذلك. فنزع سيفه من وسطه وَقَالَ: الآن عرف الرامي موضع سهمه- وَهُوَ مثل يضرب لمن أمكن عدوه من نفسه- فلما بصر بالمنصور انحرف إِلَى القبلة، فخر ساجدا، ثُمَّ دنا ليقبل أطرافه، فَقَالَ لَهُ: وراءك يا ابْن اللخناء. فنصب لَهُ كرسي فقعد فَقَالَ لَهُ أَبُو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015