وكتب عبيد الله إلى يزيد: أما بعد، فالحمد للَّه الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه، وكفاه مئونة عدوه، إن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة فكدتهما حتى استخرجتهما وضربت أعناقهما، وقد بعثت برأسيهما.
فكتب إليه يزيد: إنك على ما أحب عملت عمل الحازم، وصلت صولة الشجاع، وقد بلغني أن الحسين قد توجه نحو العراق، فضع المناظر والمسالح، واحترس، واجلس [1] على الظنة، وخذ على التهمة، غير أن لا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلي فِي كل ما يحدث من خير إن شاء الله.
قَالَ علماء السير: لما علم الحسين، بما جرى لمسلم بن عقيل هم أن يرجع، فقَالَ أخو مسلم: والله لا ترجع حتى نصيب [2] بثأرنا. فقَالَ الحسين: لا خير فِي الحياة بعدكم. فسار فلقيته أوائل خيل عبيد الله، فنزل كربلاء، فضرب أبنيته، وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسا ومائة راجل. وفِي هذه السنة: حج بالناس عمرو بن سعيد، وكان عامل يزيد على مكة والمدينة لما نزع يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، وكان ذلك فِي شهر رمضان.
فحج عمرو بالناس حينئذ، وكان على الكوفة والبصرة وأعمالها عبيد الله بن زياد، وعلى خراسان عَبْد الرَّحْمَنِ بن زياد، وعلى قضاء الكوفة شريح، وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة.
وهو من بني قرة بن مازن، بعثه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مزينة ومعه عمرو بن عوف يستنفرانهم حين أراد أن يغزو مكة، وحمل بلال أحد ألوية مزينة الثلاثة التي عقدها لهم