فالعجل العجل. وتلاقت الرسل كلها عنده. فقرأ الكتب، وكتب مع هانئ بن هاني السبيعي، وسعيد بن عبيد الحنفِي [1] ، وكانا آخر الرسل:
بسم الله الرحمن الرحيم. من حسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين. أما بعد، فإن هانئا وسعيدا قدما علي، وكانا آخر من قدم من رسلكم، وقد بعثت أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي وأمرت أن يكتب إلي بحالكم، فإن كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به علي رسلكم، قدمت عليكم إن شاء الله تعالى.
فلما قتل [2] مسلم بن عقيل وهانئ، وكان الحسين قد خرج من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة، وكان قد أشار عليه جماعة منهم ابن عباس أن لا يخرج، وكان من جملة ما قَالَ له: أتسير إلى قوم أميرهم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فإنما دعوك إلى الحرب، ولا آمن أن يكذبوك. فقَالَ: أستخير الله، ثم عاد إليه فقَالَ له: إني أتصبر ولا أصبر، إني أتخوف عليك أهل العراق، فإنهم أهل غدر، أقم بهذا البلد فإنك سيد الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك (فاكتب إليهم) [3] .
فلينفوا عدوهم، وإن أبيت فسر إلى اليمن، فإن بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة. فقَالَ: قد أجمعت المسير. قَالَ: فلا تسر بنسائك وصبيتك، فإني أخاف ما جرى لعثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه، ولقد أقررت عيني ابن الزبير بتخليتك إياه بالحجاز، والله لو أني أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني لفعلت.
ثم خرج، فلقي ابن الزبير، فقَالَ: قرت عينك، هذا حسين يخرج إلى العراق، ويخليك والحجاز، ثم أنشد مرتجزا متمثلا: / 135/ أ
يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقّري [4]