وقَالَ شاعرهم فِي ذلك:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ فِي السوق وابن عقيل
تري جسدا قد غير الموت لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل [1]
أصابهما أمر الإمام فأصبحا ... أحاديث من يسعى بكل سبيل
وفِي رواية أخرى: أن الحسين لما خرج من المدينة قيل له: لو تجنبت الطريق [2] كما فعل ابن الزبير لأجل الطلب. قَالَ: لا والله، لا أفارقها حتى يقضي الله ما أحب.
فاستقبله عَبْد اللَّهِ بن مطيع، فقَالَ له: جعلت فداك، أين تريد؟ قَالَ: أما الآن فمكة وما بعدها، فإنّي أستخير الله، فقال: خار الله لك، وجعلنا فداك، فإذا أتيت مكة فإياك أن تقرب الكوفة، فإنها بلدة مشئومة، بها قتل أبوك، وخذل أخوك، واغتيل بطعنة كادت تأتي على نفسه، الزم الحرم، فإنك سيد العرب، ولا يعدل بك أهل الحجاز أحدا، ويتداعى الناس إليك من كل جانب. فنزل مكة، واختلف أهلها إليه وأهل الآفاق، وابن الزبير لازم جانب الكعبة، فهو قائم يصلي عندها، ويطوف، ويأتي حسينا فيمن يأتيه، ويشير عليه، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير لأنه قد علم أن أهل الحجاز لا يبايعونه أبدا ما دام حسين بالبلد، وقام سليمان بن صرد بالكوفة، فقَالَ: إن كنتم تعلمون أنكم تنصرون حسينا فاكتبوا إليه، وإن خفتم الفشل فلا تغروه. قالوا: بل نقاتل عدوه.
فكتبوا إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. لحسين بن علي من سليمان بن صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد، وحبيب بن مظاهر وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا اله إلا هو، الحمد/ للَّه الذي قصم عدوك، وإنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله يجمعنا بك. 134/ ب فقدم الكتاب عليه بمكة لعشر مضين من رمضان، ثم جاءه مائة وخمسون كتابا من الرجل والاثنين والثلاثة، ثم جاءه كتاب آخر يقولون: حي هلا، فإن الناس ينتظرونك،