أمراء آل المسيب، وأجلى عقيلا وكلابا ونميرا وغيرها من قبائل عامر بن صعصعة عن ديارهم بالجزيرة والشامين وغيرهما لم يبق أحد منهم إلا التجع لدى سيف الدولة، فنزلوا بلاده باهلهم وأصائلهم وفيهم العدة الكثيرة من أمراء آل المسيب، وغيرهم من أمراء عبادة وأمراء كلاب، كالشبل بن جامع وأبنه المبارك بن الشبل وجماعتهما. ومحمد بن زائدة وغيره من آل زائدة وأمراء بني نمير فأنعم عليهم بالصلات والخلع والجوائز على أقدارهم ومراتبهم.
وتلك الأحياء كلها صغيرهم وكبيرهم حتى لم يعلم إن أحداً منهم أبتاع حمل راحلة من غلة العراق. فسمعت القاضي الأرشد أبا الحسين أحمد أبن محمد الثقفي رحمه الله يتحدث بأنه حضر مجلس في ذلك العام فجرى ذكر أسعار الغلات، قال فقلت له: ما تركت لأحد حاجة إلى شري غلة فيعلم السعر فضحك.
وروى الطبري أن جذيمة الأبرش الملك خرج في يوم من أيام الربيع إلى نزهة وصيد ومعه أبن أخته عمرو بن عدي الذي ملك بعده وهو يوئذ صبي يلهو ويلعب، فذهب مع الصبيان يجتنون الكمأة فكانوا يأكلون خير ما يجتنونه، ثم أتاه به فألقاه بين يديه، وقال:
هذا جناي وخيارة فيه ... إذ كل جانٍ يده إلى فيه