مما يعجز اللسان عن ذكره والبنان عن سطره، وانقضى ذكرنا بعض مساعيه الشريفة ليعارضها من نظر في كتابنا هذا بأمثالها من مساعيهم ويستدل بها على علو درجته عنهم والله سبحانه الموفق للصواب.
وفضله عليهم في سعة الملك والثروة ظاهر كظهور فضله عليهم فيما تقدم من الخلال المذكوره لايهم، وإن كانت العرب سمتهم ملوك العراق على مذهبهم في التعظيم وعادتهم في التفخيم لم يكونوا ملاكاً له ولا لكثير نصيب منه، وانقضى كانت الاكاسرة تقطعهم مواضع منه مسماة تجعلها طعمة لهم، ومعونة على عملهم، وكانوا يجتبون خراجها فيأكلونه، ويطعمون منه من أشاءوا من أهلهم وأعوانهم ومن كانوا يصانعونه ويستميلونه من العرب. وربما158 أقطعوهم أيضاً قرى من جملة أقطاعهم، ولم تكن الاكاسرة تقطعهم أباح ما كان في أطراف البلاد لقربه منهم وكونه فيما يليهم، وأمنحهم أيضاً على غيره مما هو أدنى إليها منه. ولم يكن يمكنهم تعدي أقطاعهم آلنا شبر من الأرض غيره، فإن البلاد حينئذ كانت للملاك والدهاقين يشجون على موضع الحجر منها، ويتنافسون فيه، وكان أقطاعهم قليلاً نزرا بالاضافة آلنا ما كانت عليه أحوال البلاد من العمارة، وفي جنب ما كانت عليه من الاستقامة. وكان قدر أقطاع النعمان من كسرى مائة الف درهم.
وذكر في بعض كتب الحيرة إن الذي كان كسرى أقطع النعمان من البلاد رستاق السيلحين، وقطائع بني طلحة، وسام طباق كذا رأيت في