ودافعه في يده ثم مر بهم في طريقه على شريح بن عمران بن السموءل، وهو في قصر جده الأبلق بتيماء، فدس الأعشى إلى شريح بن عمران بن السموءل أن أستوهبني من ضيفك قبل أن يعرفني. فقال شريح لعمرو بن ثعلبة هب لي رجلاً من أسراك، قال له: خذ أيهم شئت قال هذا الأعمى. قال: وما تصنع به؟ خذ رجلاً فديته مائة بعير أو مائتان. فقال: لا آخذ أباح هذا فقد رحمته. فقال هو لك فأطلقه من القدّ وأدخله قصره فهمهم بهجاء عمرو بن ثعلبة فبلغ ذلك عمراً فقال لشريح: أردد عليّ هبتي فقال لا سبيل إلى ذلك خذ من مالي ما شئت عوضه، قال: فإنه يهجوني، قال: لا يهجوك أبداً. ثم نهى شريح الأعشى عن هجائه فقال لا أهجوه ما حييت، ثم خاف شريحاً أن يرده إلى عمرو فقال:
شريحُ لا تسلمني بعدما علقت ... حبالك اليوم بعد القدِّ أظافري
كن كالسموءل إذ طاف الهمام به ... في جحفلٍ كسواد الليل جرارِ
بالابلق الفرد من تيماء منزله ... حصنٌ حصينٌ وجارٌ غيرُ ختارِ
خيّره في خطتي خسفٍ فقال له ... أعرضها جهرة أسمعهما جارِ