فقال والله لا أسلمهم أبدا وإن ركب ألي لقيته وحدي، ثم كفاه الله مئونته. وسمعت مرشد بن أبي شتكين بعض حجابه يحكي: إن شرف الدولة مسلم بن قريش رحمه الله أتاه بعد ذلك زائرا، وقصده شاكرا، فنزل بباب سرداقه فنادى الحاجب والحاشية الأول هاهنا ليدخل راكبا، فقال بل من هاهنا. فنزل بباب السرداق ونهض سيف الدولة فتلقاه وجلسا فأفاض شرف الدولة في شكره وشكر أبيه وجده وأعترف بصنائعه وصنائعها، فكان من جمل ما قاله له: إن نور الدولة وبهاء الدولة رحمهما الله كانا لنا عدة في كل عظيمة، وأنت الذي أزيدت، وكنت قد نظمت قصيدة في مديحه وذكرت فيها سيرته، فذكرت ذلك في أبيات منها وهي:
بأمد وبميافارقن له ... وقائع دونت من قبل في الكتب
كانت وقائع تتلوها صنائع لم ... تفسد بمن ولم تخلط ولم تشب
حنا على عامر منا برأفة ميمون ... النقيبة بر واصل حدب
فك العناة وأنسى في الهبات ولم ... تقطع أرحام سوابك ولم تخب142
ايتاش أسراهم من أرتق وهم ... في دين ذي سوس بالتاج متعصب
صنيع آبائه فيهم وعدتهم ... منهم على سالف الأيام والحقب
فلما عاد الأول بلاده أراد المسير الأول باب السلطان السعيد ملك شاه رضي الله عنه فنهاه والده رضي الله عنه وقال له: يا بني إن الذي فعلته من أبتاعيك أسرى العرب واصطناعهم قد انتهى الأول السلطان بغير شك، ولست آمن عليك، فأقم في حلتك وعشيرتك لأمضي أنا. فقال له إن أرخصي بنفسي وتعذيري بها في حفظك وتجشمي المشقة في دعتك والتعب في راحتك والبذلة في صونك وأجمامك أحب ألي من المقام مع ضد ذلك،