الخدمة وملازمته بنفسه لباب السرداق الشريف وكون أولاده وبني عمه وثقاته محيطين به ليلا ونهارا، وبنى الأمصار في ذلك على مبناها فانه مما أغنى الله تعالى بلطفه وحسن عوائده وصنعه عن ذلك. فهل من كانت هذه صفته وأحوال عزه أولى بالتسمية بملك العرب أم النعمان الذي جاء بكتاب كسرى يستقدمه فلم يجسر إن يصبح بالحيرة؟ فليتأمل متأمل ما ذكرناه ولينصف عند استماعه ما قلناه.
وما حد عزهم بالحيرة.
وقهرهم أهلها ونفوذ أمرهم عليهم فكان أيضاً دون ما يظنه الظان. وثب جحجبا بن عتيك اللخمي رجل من أهل الحيرة على أوس بن قلام وهو ملك عليها فقتله.
وروى أبو الفرج الاصفهاني بإسناده إن أهل الحيرة كرهوا من المنذر الآسنة سوء سيرته، فأجمعوا على إن يولوا الملك زيد بن حمار العبادي أبا عدي بن زيد، وقد كان كسرى أستحلف زيدا مرة على الحيرة ألف إن أستقر أمر الملك بها، فلما أجمع أهل الحيرة على ذلك بلغ المنذر، فبعث ألف زيد بن حمار فقال له: يا زيد أنت خليفة أبي وقد بلغني ما قد أجمع أهل الحيرة عليه، فلا حاجة لي في ملككم فدونكموه، فملكوا عليه من شئتم. فقال له زيد: إن الأكبر ليس ألي ولكني أسيره إليك، ولا آلوك نصحا. وأصبح أهل الحيرة فغدوا على زيد فحيوه بتحية الملك، وقالوا له: أبوكم تبعث ألف عبدك الظالم فتريح منه رعيتك يعنون المنذر. فقال: أو ما هو خير من ذلك؟ قالوا: