الرسول ذلك وأتضح للنعمان إنه احتيل عليه في أمر عدي وأجترأ عليه أعداؤه فطمعوه فيه حتى أثر ذلك عنده، فندم على ذلك أشد الندم وصار حديثه مثلاً يضرب به بعض الناس لبعض.
فروي إن مروان بن الحكم قال يوماً لمعاوية: إن مثلنا ومثلك كمثل عدي بن زيد نصح النعمان فاركسة في الحبس وكان لعدي أبن أسمه زيد يوجد عنده ما يوجد عند أبيه فخرج النعمان يوماً إلى صيده فرآه فعرف شبه عدي عليه فقال له ما أسمك يا غلام؟ قال: زيد. قال: أبن من؟ قال: أبن عدي، فادركته رقة عليه وحنوة لما كان من تفريطه في حق أبيه، فسفر له إلى كسرى حتى جعله مكان أبيه ببابه في التراجمة فقرب منه ولطف مكانه عنده. وكان قد حمل إلى الاكاسرة جارية جميلة من بعض مماليك المرازبة وكتب حاملها: قد بعثت إلى الملك بجارية كاملة الجمال حسنة الدلال تامة القامة، عظيمة الهامة برجاء دعجاء أسيلة الخدين، كحيلة العينين، طويلة الساعدين والساقين، لطيفة الكفين والقدمين، بداء الفخذين عظيمة المأكمتين 122 نقية النفس، حالكة الشعر دقيقة الخصر إن تركتها انتهت وإن أردتها اشتهت، ترعد شفتاها، وتتعصفر خداها وتحملق عيناها، وتبادرك الوثبة. فاستحسنوا هذه الصفة فامروا باثباتها في الدواوين. وربما كتبوها أحياناً وبعثوا بها في الافاق إلى عمالهم فإذا وجدت بهذه الصفة حملت اليهم ولم يكونوا يطلبون ذلك في العرب. فطلب