من حرب الناب بين أبني وائل، وحرب الرهان بين أبني بغيض، وحرب البعاث بين أبني قبيلة الأوس والخزرج، وحرب الفجار الأكبر، وهو فجار اللطيمة دون غيره من حروب الفجار، وإن كانت أزمان هذه الحروب أمتدت والوقائع فيها تكررت فانهم كانوا أذا أحتشد بعضهم لبعض فغزوهم، أو تدانت بهم الديار على المياه والحباء فتقاربوا وتغارو أو تواعدوا موضعا يلتقون فيه، فاقتتلوا ثم تكاففوا أو تحاجزوا أو كان ذلك اليوم بعضهم على بعض، ثم نكفوا من غالب أو مغلوب. ولم تزد مباشرة لحروب بينهم على يوم واحد أو بعضه ثم يفترقون تنتأى بهم الديار وتبعد بينهم المسافة الى مدة أخرى وزمان أخر، فاما أقامة ومنازلة ومحاسبة ومطاولة كما يروي من جهاد أهل الإسلام للروم وغيرهم، وكحروبهم فيما بينهم بصفين وغيرها، فلم يذكر لهم كمثل ذلك ولا دونه.
ذكر أبو عبيد القاسم بن سلام إن مروان والضحاك بن قيس الفهري تنازلا بعسكريهما بمرج راهض، والضحاك يدعو الى أبن الزبير، فاقتتلوا عشرين يوم أشد قتال، ثم قتل الضحاك وقتل معه ثمانون رجلا من أشراف أهل الشام كلهم يأخذ القطيفة، والقطيفة: الفان من العطاء.
وذكر أيضا إن الحجاج وأبن الأشعث تنازلا بعسكريهما بدير الجماجم مائة يوم من أول يوم من شهر ربيع الأول الى عشر مضين من جماد الآخرة، وذلك في سنة ثلاث وثمانين يتغادون القتال ويتراوحونه ثم يهزم أبن الأشعث أحدى ومائتي وقعة ولم يكن في حروب الجاهلية ما