وكانوا ... بني كن

كثراً فأصبحوا

بني الأرض، قد وارتهم غير واحد

وقد خط للباقي المخلف أنه ... لما وردوا من حومة الموت وارد

وقال أبو ذؤيب الهذلي، واسمه خويلد بن خالد، وهلك له بنون خمسة في عام واحد أصابهم الطاعون، وكانوا توجهوا إلى مصر:

أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع؟!

قالت أميمة: ما لجسمك شاحباً ... منذ ابتدلت ومثل مالك ينفع

أم مالجنبك لا يلائم مضجعاً ... إلا أقض عليك ذاك المضجع

فأجبتها أن مالجسمي أنه ... أودى بني من البلاد فودعوا

أودى بني وأعقبوني حسرة ... بعد الرقاد، وعبرة ما تقلع

سبقوا هوى، وأعنقوا لهواهم ... ففقدتهم، ولكل جنب مصرع

ولبثت بعدهم بعيش ناصب ... وإخال أني لاحق مستتبع

ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ... وإذا المنية أقبلت لا تدفع

وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

فالعين بعدهم كأن حداقها ... كحلت بشوك فهي عور تدمع

حتى كأني للحوادث مروة ... بصفا المشقر كل يوم تقرع

وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع

وقال أبو ذؤيب أيضاً:

فإنك ... حقاً

أي نظرة ناظر

نظرت، و"وقف" دونها و"قبر"

ديار التي قالت ... غداة لقيتها

:

صبوت أبا ذيب وأنت كبير

تغيرت بعدي أو أصابك حادث ... من الدهر، أم مرت عليك مرور

فقلت لها: فقد الأحبة، إنني حديث بأرزاء الكرام جدير

فراق كنغض السن، فالصبر، إنه ... لكل أناس عثرة وجبور

"نغض السن: تحريكها، قال الله تعالى (فسينغضون إليك رؤوسهم) أي يحركونها، ويروي "كقيض السن" وقيضها: انشقاقها.

فأصبحت أمشي في ديار كأنها ... خلاف ديار الكاهلية

عور

"يقال: خلف أعور، إذا كان فاسداً، يقول: هذا الدار خلف أعور من هاتيك"

أنادي إذا أوفى من الدهر مربئاً ... لأي سميع، لو أجاب بصير

وقال إبراهيم بن هرمة:

تفانوا، ولم يبقوا، وكل قبيلة ... سريع إلى ورد الفناء كرامها

وكيف وقد صاروا عظاماً وأقبراً ... يصيح صداها بالعشي وهامها؟!

وقال أبو العيص بن حزام:

وكم من صاحب قد ناء عني ... رميت بفقده وهو الحبيب

فلم أبد الذي تخفى ضلوعي ... عليه وإنني لأنا الكئيب

مخافة أن يراني مستكيناً ... عدو، أو يساء به قريب

فيشمت كاشح، ويظن أني ... جزوع عند نائبة تنوب

فبعدك مدت الأعداء طرفاً ... إلى ورابني دهر مريب

وأنكرت الزمان، وكل أهلي ... وهرتني لغيبتك الكليب

وكنت تقطع الأبصار دوني ... وإن وغرت من الغيظ القلوب

ويمنعني من الأعداء أني ... وإن رغموا

لمخشى مهيب

فلم أر مثل يومك كان يوماً ... بدت فيه النجوم، فما تغيب

وليل ما أنام به، طويل ... كأني للنجوم به رقيب

وما يك جائياً لا بد منه ... إليك فسوف تجلبه الجلوب

وقال كتير بن عبد الله، وهو ابن الغريرة، وهي أمه:

ألا من لشوق آخر الليل شائق ... وقلب كمكسور الجناحين خافق

وصب حزين كلما جن ليله ... تذكر ذكرى من حبيب مفارق

فلا تعذليني يا ابنة الخير إنما ... تخرمت الأيام مني أصادقي

فأصبحت رهناً بعدهم في ديارهم ... كمستوثق منه، وليس بآبق

وقال الحارث بن عوف الجشمي:

فإن تكن الحوادث غيرتني ... فلم أر هالكاً كابني زياد

هما رمحان خطيان كانا ... من السمر المثقفة الجلاد

تهال الأرض أن يطآ عليها ... بمثلهما تسالم أو تعادي

وقال تميم بن أبي بن مقبل العجلاني:

تذكرت إخواني الذين عهدتهم ... كأن لم يكن شكلي لهم مرة شكلا

هجرتهم من غير بغض ولا قلى ... ولكن مر الدهر كان لهم شغلا

وقال محمد بن خالد بن الوليد بن عقبة:

هل في الخلود إلى القيامة مطمع ... أم للمنون عن ابن آدم مدفع؟!

هيهات ما للنفس من متأخر ... عن وقتها، لو أن علمك ينفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015