ولم يبق عندي للهوى غير أنني ... إذا الركب مروا بي على الدار أشهق
وقال أبو جوثة بن زياد:
خليلي من عمرو عفا الله عنكما ... ولقاكما من كل أمركما يسرا
ألماً على دار لعبلة قد عفت ... كأن لمطلول الخزامى بها نشرا
نظرت بأرمام، وأية ساعة ... نظرت إلى أعلامها نظراً شزرا
وأغيد من طول الكلال يميله ... كلال السرى حتى كأن به سكرا
سرينا به من أجل عبلة بعدما ... تجللت الآفاق أردية خضرا
وقال أبو تمام: أهدى الدموع إلى دار وماصحها=فللمنازل سهم من سوافحها
دار أجل الهوى عن أن ألم بها ... في الركب إلا ويعين من متائحها
وقال أيضاً:
يا دار در عليك أرهام الندى ... واهتز روضك في الثرى فترأدا
سقياً لمعهدك الذي لو لم يكن ... ما كان قلبي للصبابة معهدا
وقال المتنبي:
أهلاً بدار سباك أغيدها أبعد ما بان عنك خردها
ظلت بها تنطوي على كبد ... نضيجة فوق خلبها يدها
قفا قليلاً بها على فلا ... أقل من نظرة أزودها
ففي فؤاد المحب نار هوى ... أحر نار الجحيم أبردها
وقال البحتري:
يا خليلي ساعة لا تريما ... وعلى ذي صبابة فأقيما
ما مررنا بدار زينب إلا ... فضح الدمع سرك المكتوما
ذكرتني الهوى وهن رميم ... كيف لو لم يكن كن رميما؟
وقال أبو تمام:
أدار البؤس حسنك التصابي ... إلي فصرت جنات النعيم
لئن أصبحت ميدان السوافي ... لقد أصبحت ميدان الهموم
ومما ضرم الأحشاء أني ... شكوت، فما شكوت إلى رحيم
أظن الدمع في خدي سيبقى ... رسوماً من بكائي في الرسوم
وقال النابغة الذبياني، وهو زياد بن معاوية:
عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار ... ماذا تحيون من نؤي وأحجار؟!
فاستعجمت دار نعم ما تكلمنا ... والدار لو كلمتنا ذات أخبار
فما عرفت بها شيئاً أعيج به ... إلا الثمام، وإلا موقد النار
وقد أراني ونعماً لاهيين بها ... في الدهر والعيش لم يهمم بإمرار
أيام تعجبني نعم، وأخبرها ... ما أكتم الناس من حاجي وأسراري
وقال الحطيئة:
يا دار هند عفت إلا أثافيها ... بين الطوى فصارات فواديها
قد غير الدهر بعدي من معارفها ... والريح، فادفنت فيها مغانيها
جرت عليها بأذيال لها عصف ... فأصبحت مثل سحق البرد عافيها
كأنني ساورتني يوم أسألها ... عود من الرقش لا تصغي لراقيها
وقال أيضاً:
أدار سليمى بالرواتك والعرف ... أقامت على الأرواح والديم الوطف
وقفت بها، فاستوقفت ماء عبرتي ... بها العين، إلا ما كففت به طرفي
فراق حباب، وانتهاء من الهوى ... فلا تعذليني، قد بدا لك ما أخفي
يقولون: نستغني، ووالله مال الغنى ... من المال إلا ما يعف وما يكفي
وقال النابغة الذبياني:
يا دار مية بالعلياء فالسند ... أقوت وطال عليها سالف الأبد
وقفت فيها أصيلاناً أسائلها ... أعيت جواباً، وما بالربع من أحد
أضحت قفاراً وأضحى أهلها احتملوا ... أخنني عليها الذي أخني على لبد
وقال قيس بن ذريح:
بكت دارهم من نأيهم فتهللت ... دموعي، فأي الجازعين ألوم
أمستعبراً تبكي من الشوق والجوى ... أم آخر يبكي شجوه ويهيم
كذا كان في أصل الشعر، والصحيح: "أمستعبراً يبكي من الهون والبلى".
تهيضني من حب لبنى علائق ... وأصناف حب هولهن عظيم
ومن يتعلق حب لبنى فؤاده ... يمت أو يعش ما عاش وهو سقيم
وإن زماناً شتت الشمل بيننا ... وبينكم فيه العدى لذميم
وقال جميل بن معمر:
ألم تسأل الدار القديمة هل لها ... بأم حسين بعد عهدك من عهد؟
سل الركب هل عجنا بمغناك مرة ... صدور المطايا وهي موقرة تخدي؟
وهل فاضت العين الشروق بمائها ... من أجلك حتى اخضل من دمعها بردى؟
أنى القلب إلا حب بثنة لم يرد ... سواها، وحب القلب بثنة لا يجدي
وكل محب لم يزد فوق جهده ... وقد زدتها في الحب مني على الجهد
وقال ذو الرمة، غيلان بن عقبة بن مسعود: