آتيك بذلك، فسار لقيط حتى أتى قيس بن خالد سيد ربيعة، وكان على قيس يمين ألا يخطب إليه أحد علانية إلا إصابة بشر. فأتاه لقيط، فخطب إليه علانية، فقال له قيس: ومن أنت؟. قال: لقيط بن زرارة. قال: فما حملك على أن تخطب إلي علانية؟. قال: لأني إن عالنتك لم أشنك، وإن ساررتك أخدعك. قال قيس: كفء كريم لا تبيت عندي والله عزبا. ثم أرسل إلى أمها أني زوجت لقيط بن زرارة القدور بنت قيس فاصنعيها ليبتني بها ففعلت. وساق عنه قيس المهر، فابتنى بها، وأقام معهم ما شاء الله ثم ارتحل بأهله حتى أتى المنذر بن ماء السماء فأخبره بما قال له أبوه، فأعطاه مائة من هجانه، وانصرف إلى أبيه بابنة قيس وبمائة من هجائن المنذر.

وكان قيس وصى ابنته عند رحيلها مع لقيط فقال: كوني له أمة يكن لك عبدا، وليكن أطيب طيبك الماء، وإني قد زوجتك فارساً من فرسان مضر وإنه يوشك أن يقتل، فان كان ذلك فلا تجمشي عليه وجها، ولا تحلقي شعراً فلما أصيب لقيط تحملت إلى قومها وقالت لهم: أوصيكم بابني عبد الله بالغرائب سراً، فو الله ما رأيت مثل لقيط لم يجمش عليه وجه، ولم يحلق عليه شعر، ولولا أني عروس ما جمشت عليه وحلقت. ثم خلف عليها رجل من قومها، فسمعها تكثر من ذكر لقيط، فقال: ما أعجبك من لقيط؟ قالت: خرج يوم دجن وقد شرب وتطيب فطرد البقر وصرع منها وأتاني وبه نضح الدماء والطيب فضممته ضمة، وشممته شمة، فوددت أني مت ثمة. فلم أر منظراً قط أحسن من لقيط. فسكت عنها زوجها حتى إذا كان يوم دجن شرب وتطيب وركب فصرع من البقر، فأتاها وبه نضح من الدم والطيب والشراب فضمته إليها فقال: كيف ترين أبا الحسن أم لقيط؟. فقالت: ماء ولا كصيدا. وصيدا ركية ليس في الأرض أطيب منها.

وقال بعضهم: النساء ثلاثة: فهينة لينة عفيفة مسلمة، تعين أهلها على العيش. وأخرى وعاء ولود، وأخرى غل تمل، يضعها الله في عنق من يشاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015