قال عبد العزيز زرارة الكلابي، وكان سيدا كريما لما سأله معاوية: أي فعله فعلتها أعجب إليك؟. قال: ما من ذاك شئ الا وقد تعجب، ولكني أعجبتني فعلة فعلتها ونحن مقبلون من نجد إلى الشام، فنزلنا ماء من مياه كلب فنظرت إلى خيمة بالفلاة، فعمدت إليها، فإذا رجل جالس على فرش تحت رقاق البيت، فأنخت ثم جلست إلى رجل جميل جهير قد اكتهل، فنسبني وسألني من أين جئت؟. فأخبرته ونسبته، فانتسب لي إلى كلب وإذا ستر في جانب البيت، فأسمع في الستر صلصلة، فلما طال ذلك قلت له: وقع في نفسي أن دون الستر إنسان مجنون. قال: لا عليك لا تسألن عنه، قلت: فإني رجل كنت أداوي المجانين، فضحك ضحكاً شديداً، وقال إنه لمجنون جنوناً ماله عندك دواء. فقلت: ما من شعبة من الجنون إلا لها عندي دواء. وجعل الكلبي يضحك، ثم قال: هذه امرأتي كانت في بيت من بيوت قومها، فلما تزوجتها والتقينا نفرت، فبلغ من الأمر أن قيدناها بقيدين من حديد. فقلت: إني لأرى شاهداً حسنا وجمالا، وإني لأعرف أنك في شدة، فما يضطرك إلى تركها عندك؟. فقال: وبكم تزوجتها بمال كثير، وأنا أخاف إن اختلعها أن يذهب مالي. قلت له: وبكم تزوجتها؟. قال: بخمسين من الإبل وخادم محليها وثيابها. قلت: أفرأيت إن أعطيتك ذاك أتتركها؟ قال: نعم. فأخبرني أن أباها قريب من الماء الذي هو به. فقلت له: أحملها إلى أبيها فحملها ووردنا الماء، فاجتمعنا بأبيها وأهلها، ودفعت إلى أبيها خمسين من الإبل وقيمة الخادم والحلي، وفارقها وفارقته.

وقال ابن أبي عيينة لامرأة من قرابته بدينا جار:

دعوتك بالقرابة والجوار ... دعاء مصرح بادي السرار

لأني عنك مشغول بنفسي ... ومحترق عليك بغير نار

وأنت توقرين وليس عندي ... على نار الصبابة من وقار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015