فأتت مسكة إلى مجلس قضائه، فرأى أحسن ما يكون من النساء، وأقبحهن حالا، عارية مهزولة، فقالت: زوجت رجلا فأجاعني وأعراني وأرعاني إبله، فأدخلها السلمي الأمير على بناته ونسائه وأرسل إلى ذروة زوجها، فلما جلس بين يديه. وكان راعي إبل قشفاً أزج الحاجبين كثير شعر الوجه. فنظر إلى مثل الكلب الكردي. وأرسل إلى مسكة فجاءت فقال: هذا زوجك؟ قالت: نعم. قال: اجلسي حذاء زوجك، فجعل ينظر إليها وإليه ثم قال: يا ذروة ما تقول؟ فقال ذروة:

يا ابن هشام نصرة المظلوم ... إليك أشكو حيفة الخصوم

ورهاء ذات عطل وسيم ... وخلق ليس بمستقيم

قد نفرت من شارف مردوم ... جشم منها وخم الملغوم

ليس بمعسوف ولا مروم ... وأعرضت كالفرس العذوم

وهي تمطى تمطي المحموم

الوسيم الحسن، والورهاء الخمصاء، والعذوم العضوض، والعطل الجسم والخلق، والشارف: الكبيرة من الإبل. يريد نفسه أنه أبيها جشم أي أبين مروم: أي معطوف عليه، إذا أحبه فقد ريمه، والملغم: الفم وما حوله وخم: متغير. قال فأخذ بناصيتها، فكلما جذبها تقع على ركبتيها وتقول: المظلومة!! وقال ذروة وقد ذهب بها:

يا مسك إن السلمي العادلا ... قضى قضاءٍ طبق المفاصلا

لما رأى ما تحكمين باطلا ... لا جعلن القد والسلاسلا

منها بحيث تجعل الخلاخلا ... والسوط حتى تسدل السدائلا

فذهب بها ذروة، فولدت له رجالا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015