فأنت لأن ما بك دون ما بي ... تدارين العيون ولا أداري

ولو والله تشتاقين شوقي ... جمعت إلي خالعة العذار

وعبد العزيز بن زرارة هو الذي دخل على معاوية فقال: إني دخلت عليك بالأمل واحتملت جفوتك بالصبر، ورأيت ببابك أقواماً قدمهم الحظ وآخرين باعدهم الحرمان، وليس ينبغي للمقدم أن يأمن، ولا للمؤخر أن ييأس، وأول المعرفة الاختبار، فابل واختبر. وكان قد حجب عنه، فقال بعض شعراء كلب:

من يأذن اليوم لعبد العزيز ... يأذن له عبد العزيز غدا

ولمثل هذا السبب وشبهه من طرق المكارم وأتباع حسن الأحدوثة فعل ما فعل صعصعة بن ناجية بن عقال جد الفرزدق، وذلك أنه خطب للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إني كنت أعمل عملا في الجاهلية أف ينفعني ذلك اليوم؟. قال: وما عملك؟. قال: أضللت ناقتين لي عشراوين فركبت جملا ومضيت في طلبهما فوقع لي بيت، فإذا شيخ جالس بفنائه سألته عن الناقتين فقال: ما نارهما؟. قلت: نار بني درام. قال: هما عندي وقد أحيى الله بهما قوماً من قومك من مضر فجلست معه، فإذا أنا بعجوز خرجت من كسر البيت، فقال لها: ما وضعت، فان كان صبياً شاركنا في أموالنا وإن كانت حائلا وأدناها. فقالت: وضعت أنثى. قلت: أتبيعينها؟. قال: وهل تبيع العرب أولادها؟. . إنما أشتري حياتها ولا أشتري رقها. قال: بكم؟ قلت: بكم؟ قلت: احتكم. قال: بالناقتين والجمل. قلت: ذلك لك على أن تبيعيني الجمل وإياها، ففعل. فآمنت بك يا رسول الله وقد صارت لي سنة في العرب أن أشتري كل موءودة بناقتين عشراوين وجمل. فعندي إلى هذه الغاية ثمانون ومائتا موءودة قد أنقذتها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لا ينفعك ذلك، لأنك لم تبتغ به وجه الله، وإن تعمل في الإسلام عملا صالحاً تثب عليه. فقال الفرزدق يفتخر بذلك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015