كما لو حلف لا يأكل لحماً فأكل من لحم الأنعام والزرافة. والجامع بينهما أن غاية ما يقدر أن أكل رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد نادر بالنسبة إلى رؤوس النعم وإلى بيض الدجاج، وأكل لحم الأنعام نادر بالنسبة إلى أكل لحوم النعم، والحنث في مسألة اللحم محقق فكذا في مسألة الرؤوس والبيض.

وأما كونه لا يحنث عند أبي الخطاب إلا بأكل رأسٍ جرت العادةُ بأكله منفرداً؛ كالغنم والبقر، أو بيض يزايل بائضه حال الحياة؛ كبيض الدجاج؛ فلأن المتبادر إلى الذهن ما جرت العادة بأكله منفرداً.

ولأن الظاهر إرادة ذلك. فوجب أن لا يتعداه اليمين. فلم يحنث بأكل غيره؛ لعدم دخوله في يمينه. وحنث بأكله؛ لدخوله في يمينه.

قال: (وإن حلف لا يدخل بيتاً فدخل مسجداً أو حماماً أو بيت شعر أو أدم. أو لا يركب فركب سفينة حنث عند أصحابنا. ويحتمل أن لا يحنث).

أما كون من حلف لا يدخل بيتاً يحنث إذا دخل مسجداً عند أصحابنا؛ فلأن الله تعالى سماه بيتاً فقال: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} [آل عمران: 96]، وقال: {في بيوتٍ أذن الله أن ترفع} [النور: 36].

وأما كونه يحنث إذا دخل حماماً؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه بيتاً قال: «بئسَ البيتُ الحمام» (?).

وأما كونه يحنث إذا دخل بيت شعر أو أدم؛ فلأن البدوي يسميه بيتاً.

ولأن البدوي لو حلف لا يدخل بيتاً فدخل بيت الحضري حنث فكذلك إذا حلف الحضري لا يدخل بيتاً فدخل بيت البدوي.

وأما كونه يحتمل أن لا يحنث في ذلك كله؛ فلأن الظاهر أن الحالف لم يُرد ذلك بيمينه فلم يحنث بالدخول فيه.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله في المغني أن الاحتمال إنما هو في المسجد والحمام؛ لأن أهل العُرف لا تسمي ذلك بيتاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015