قال: (وإن حلف لا يتكلم فقرأ أو سبّح أو ذكر الله عز وجل لم يحنث. وإن دقَّ عليه إنسان فقال: ادخلوها بسلام آمنين يقصد تنبيهه لم يحنث).
أما كون من حلف لا يتكلم فقرأ أو سبح أو ذكر اسم الله لا يحنث؛ فلأن الكلام في العُرف لا يطلق إلا على كلام الآدميين، ولهذا قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنا نتكلمُ في الصلاةِ حتى نزلت: {وقوموا لله قانتين} [البقرة: 238]. فأُمرنا بالسكوتِ ونُهينا عن الكلام» (?).
وقال الله: {أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا واذكر ربك كثيرًا وسبّح بالعشي والإبكار} [آل عمران: 41]. نهاه عن الكلام وأمره بالتسبيح، ولو كان التسبيح كلاماً لدخل في المنهي عنه.
وأما كونه لا يحنث إذا دقَّ عليه إنسان فقال: ادخلوها بسلام آمنين يقصد تنبيهه؛ فلأن ذلك كلام الله عز وجل ويمينه إنما تنصرف إلى كلام الآدميين. فلم يحنث؛ لعدم شمول يمينه لذلك.
فإن قيل: لو قال ذلك في الصلاة لبطلت صلاته، ولو لم يكن من كلام الآدميين لما كان كذلك؟
قيل: في ذلك منعٌ. وعلى تقدير التسليم الفرق بينهما (?) أن الصلاة لا تصح بغير قرآن وقد وقع التردد في كون ذلك قرآناً. فلا تصح مع الشك في شرطها. بخلاف الحنث فإن شرط الحنث فيه: كون المتكلم به كلام الآدميين وقد وقع التردد فيه فلا يحنث بالشك في شرطه.