وأما كونه يحنث على الثاني وهو قول أبي الخطاب؛ فلأن معنى كلامه: لا أشم رائحة ذلك؛ لأن الشم إنما يكون للرائحة، ورائحة الورد والبنفسج في دهنهما، وقد شم ذلك.

قال: (وإن حلف لا يأكل لحماً فأكل سمكاً حنث عند الخرقي، ولم يحنث عند ابن أبي موسى).

أما كون من حلف بما ذكر يحنث بما ذكر عند الخرقي؛ فلأن الله تعالى قال: {وهو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً} [النحل: 14]، وقال عز وجل: {ومِن كُلٍّ تأكلونَ لحمًا طريًا} [فاطر: 12].

ولأن السمك لحم حيوان.

وأما كونه لا يحنث عند ابن أبي موسى؛ فلأن السمك لا ينصرف إليه إطلاق اسم اللحم بدليل: ما لو وكل رجلاً في شراء لحم فاشترى له سمكاً لم يلزمه.

ولأنه يصح أن يُنفى عنه فيقال: ما أكل لحماً وإنما أكل سمكاً. وتسمية ذلك باللحم لا يوجب الحنث. بدليل: أن الله عز وجل سمى السماء سقفاً محفوظاً (?). ولو حلف حالف: لا قعدت تحت سقف ففعل تحت السماء لم يحنث.

والأول ظاهر المذهب. قاله المصنف رحمه الله في المغني.

والفرق بين مسألة اللحم وبين مسألة السقف: أن الظاهر أن من حلف لا يقعد تحت سقف قصد بيمينه تحت سقف يمكنه التحرز منه، والسماء ليست كذلك فلا تدخل في يمينه. بخلاف الحالف بأنه لا يأكل لحماً؛ لعدم المعنى المذكور في يمينه.

قال: (وإن حلف لا يأكل رأساً ولا بيضاً حنث بأكل رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد عند القاضي، وعند أبي الخطاب لا يحنث إلا بأكل رأس جرت العادة بأكله منفرداً، أو بيض يزايل بائضه حال الحياة).

أما كون من حلف بما ذكر يحنث بما ذكر عند القاضي؛ فلأن رؤوس الطيور والسمك وبيض السمك والجراد رؤوس وبيض حقيقة وعُرفاً. فوجب أن يحنث؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015