وأما كونها تستحب لمن قدَر عليها فلأن في إقامته تكثيراً لعددهم واختلاطا بهم. وإنما لم تجب عليه لقدرته على إظهار دينه.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله: أن الهجرة على ضربين: واجبة ومستحبة.

وقال في المغني: الناس على ثلاثة أضرب:

أحدها: من تُستحب له ولا تجب عليه.

والثاني: من تجب عليه.

والثالث: من تسقط عنه. وهو: من يعجز عنها (?) لمرض، أو إكراه على إقامة، أو ضعفٍ. فهذا لا يجب عليه ولا يوصف باستحباب؛ لقوله تعالى: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ... الآية} [النساء: 98]. وفيه نظر.

قال: (ولا يجاهِد من عليه دينٌ لا وفاءَ له، ومن أحد أبويه مسلم: إلا بإذن غريمه وأبيه، إلا أن يَتعين عليه الجهادُ فإنه لا طاعةَ لهما في ترك فريضةٍ).

أما كونُ من عليه دين لا وفاء له لا يجاهد إذا لم يأذن له غريمه في الجهاد مع عدم تعيّنِ ذلك عليه؛ فلأن الجهاد يُقصد منه الشهادة وبها تفوت النفس فيفوت الحق لفواتها.

وفي تقييد المصنف رحمه الله الدين بأنه لا وفاء له إشعار بأنه إن كان له وفاءٌ فله أن يجاهد بغير إذنٍ وهو صحيح. نص عليه أحمد رحمه الله؛ «لأن عبدالله بن حزام أبا جابر خرج إلى أُحُدٍ وعليه دين كثير. فاستشهد وقضاه عنه ابنه بعلم النبي صلى الله عليه وسلم» (?) ولم ينكر (?) ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015