فالأصل البشري لأبناء البشرية قاطبة هو أصل واحد، ومهما تفرق الناس بعد ذلك إلى أمم وقبائل وبلدان وأجناس، فإنما هو كتفرق البيت الواحد والإخوة من أب واحد وأم واحدة، وما كان كذلك فسبيل هذا الاختلاف في أجناسهم وبلدانهم أن يؤدي إلى تعاونهم وتعارفهم وتلاقيهم على الخير، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} 1، وقد ترفع الحياة بعد ذلك أفرادا وتخفض آخرين، وقد تغني فئات ويفتقر كثيرون، وقد يحكم شخص ويخضع شعب، وقد تبيض بشرة أقوام وتسود ألوان أمم أخرى، إن هذا وإن كان من سنة الله في خلقه، بل هو نظامها الذي لا يتبدل، فليس من شأنه أن يميز من ارتفع على من اتضع ولا من اغتنى على من افتقر، ولا من حكم على من خضع، ولا ذا اللون الأبيض على ذي اللون الأسود، بل الكل سواء:

- سواء عند الله في آدميتهم وإنسانيتهم لا تمايز بينهم إلا بالتقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 2.

- وهم سواء أمام القانون في الخضوع له لا تمايز بينهم إلا بالحق.

- وهم سواء في كيان المجتمع، يتأثر قويهم بضعيفهم، ومجموعهم لعمل أفراد منهم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالحمى والسهر" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015