ودخلت سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
فضرب أعناق جماعة وصلبهم. وندب جعفر بن فلاح لأخذ الشام فسار في ثاني عشر المحرّم [سنة 359] وملك الرملة [310 أ]، وبعث الحسن بنعبيد الله بن طغج وجماعة في القيود.
[365 أ] وبعث عليّ بن عقيانان (?) إلى الصعيد في البرّ وعلي بن محمّد الخازن في البحر.
وفي ربيع الأوّل قبض على دوابّ الإخشيديّة والكافوريّة وصرفهم مشاة وأمرهم بطلب المعيشة، وتعذّر الخبز لغلاء السعر فضرب جماعة من الطحّانين وطيف بهم.
وفي يوم الجمعة لثمان خلون من جمادى الأولى [سنة 359] صلّى في جامع أحمد بن طولون، وخطب به عبد السميع بن عمر العبّاسي بقلنسوة وشي وطيلسان وشي، وأذّن المؤذّنون [ب] حيّ على خير العمل، وهو أوّل ما أذّن به في مصر، وصلّى به عبد السميع، فقرأ سورة الجمعة وإِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ [المنافقون: 1]، وقنت (?) في الركعة الثانية، وانحطّ ساجدا ونسي أن يركع، فصاح به عليّ بن الوليد قاضي عسكر جوهر:
بطلت الصلاة! أعد ظهرا أربع ركعات!
ثمّ أذّن ب «حيّ على خير العمل» في سائر مساجد العسكر. وأنكر جوهر على عبد السميع أنّه لم يقرأ البسملة في كلّ سورة، ولا قرأها في الخطبة، فصلّى به الجمعة الأخرى وفعل ذلك.
وكان عبد السميع قد دعا لجوهر في الخطبة،
فأنكر جوهر عليه ومنعه من الدعاء له.
وقبض على الأحباس من يد القاضي أبي طاهر وردّها إلى غيره.
ولأربع بقين منه [من جمادى الأولى سنة 359] أذّن في الجامع العتيق ب «حيّ على خير العمل»، وجهروا فيه بالبسملة في الصلاة، وكانوا لا يفعلون ذلك بمصر.
وأمر في المواريث بالردّ على ذوي الأرحام، وأن لا يرث مع البنت أخ ولا أخت، ولا عمّ ولا جدّ، ولا ابن أخ ولا ابن عمّ، ولا يرث مع الولد، ذكرا كان أو أنثى، إلّا الزوج والزوجة، والأبوان والجدّة، ولا يرث مع الأمّ إلّا من يرث مع الولد.
وخاطب أبو الطاهر القاضي جوهرا في بنت وأخ، وأنّه قد كان حكم قديما للبنت بالنصف وللأخ بالباقي، فقال: «ما أفعل؟ » فلمّا ألحّ عليه قال: «يا قاضي، هذه عداوة لفاطمة عليها السلام! ».
فأمسك أبو طاهر ولم يراجعه بعد ذلك (?).
وأشار الشهود على القاضي أبي الطاهر أن لا يطلب الهلال لأنّ الصوم والفطر على الرؤية قد زال، فانقطع طلب الهلال. وصام القاضي في هذه السنة مع القائد جوهر كما يصوم، وأفطر كما يفطر.
ولسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة [سنة 359] أنفذ جوهر ابنه جعفر بن جوهر بهديّة إلى المعزّ فيها:
تسع وتسعون بختيّة.
وإحدى وعشرون قبّة بأجلّة الديباج المنسوجة بالذهب، ومناطق الذهب [364 أ] المكلّلة بالجوهر.