المقفي الكبير (صفحة 557)

ختمة أخرى! - فقرءوا وقفزوا ما أرادوا. فلمّا قرءوها وأعلم بذلك قال: وا لك! السماء ثلاثة، والأرض ثلاثة، والأيّام ثلاثة، والمعادن ثلاثة، وكل ما في الدنيا ثلاثة ثلاثة! تقرءون أخرى! - فقرءوا ختمة ثالثة، وهم يحمدون الله على أنّه لم يعلم أن السماوات سبع والأرضين سبع، حتّى فرغوا وقد كادوا يهلكون من شدّة صراخهم.

فرسم عليهم إلى بكرة النهار، وكتب عليهم قسامة بالله تعالى ونعمة السلطان، أنّ ثواب هذه الختمات الثلاث للسلطان الملك المنصور. فلمّا أخذ الإشهاد عليهم بذلك قال: جيّد! أصحّ الله أبدانكم! - وصرف لهم أجرهم.

698 - أرسلان الدوادار [- 717] (?)

[185 أ] أرسلان الدوادار، الأمير بهاء الدين، الناصريّ.

تنقّل في خدمة الأمير سلار (?) نائب السلطنة، واختصّ به. فلمّا قدم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون من الشام، ونزل بالريدانيّة خارج القاهرة، وشى إليه أرسلان هذا بجماعة توافقوا على الفتك بالسلطان في يوم عيد الفطر.

وأشار عليه بالمبادرة في الحال إلى قلعة الجبل.

فقام [من] فوره وفتح جانبا من الدهليز السلطانيّ، وخرج من غير الباب. وصعد إلى القلعة ونجا من القوم الذين همّوا به، وجلس على تخت الملك.

فرعى له هذه النصيحة وقرّبه.

ثمّ عمله دوادار السلطان، عوضا عن الأمير عزّ الدين أيدمر (?). فباشر الدواداريّة مباشرة جيّدة، واستولى على السلطان، وغلب عليه بحيث لم يبق لغيره ذكر.

واجتهد الفخر ناظر الجيش وكريم الدين عبد الكريم الكبير في إبعاده [168 أ] فما تمكّنا من ذلك، فإنّه لم يكن لهما معه تصرّف، إلى أن مات، فصار أمرهما من العظمة إلى ما ذكر في ترجمتيهما (?).

وكان القاضي علاء الدين عليّ بن عبد الظاهر (?) موقّع الدست قد درّبه وخرّجه وهذّبه. وكان يكتب خطّا مليحا إلى الغاية. فصار يكتب في المهمّات كتابة سريعة بعبارة جيّدة. ويبعث بها إلى كتّاب السرّ عن الأوامر السلطانيّة فينفّذ ما فيها.

وركب البريد في الرسالة عن السلطان إلى الأمير مهنّا وغيره عدّة مرار. وأنشأ بخطّ منشأة المهرانيّ (?) فيما بين القاهرة ومصر، خانكاه، ورتّب بها شيخا وصوفيّة، وجعل لها أوقافا دارّة.

وكان ينزل من القلعة إليها في كلّ ليلة ثلاثاء يبيت فيها، ويحتفل الناس للحضور إليه.

وما زال على رتبته وسيادته إلى أن توفّي يوم الثلاثاء ثالث عشرين شهر رمضان سنة سبع عشرة وسبعمائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015