المقفي الكبير (صفحة 556)

ومات هو عقيب ذلك بسجنه في سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة (?).

697 - أرجواش الأعور [- 701] (?)

[184 أ] أرجواش، الأمير علم الدين سنجر، المنصوري، الأعور، أحد المماليك المنصوريّة قلاوون.

كان موصوفا بالإقدام والشجاعة، فذهبت إحدى عينيه بسهم في بعض حروبه. وكان جافيا لا يعرف الهزل. فولّاه السلطان قلعة دمشق فلم يضبط عليه أنّه خرج منها [167 ب] ولا سيّر، وحفظها حفظا جيّدا. فلما مات المنصور، وقدم ابنه الأشرف خليل دمشق بعد فتح عكّا (?)، ووقف في خدمته على العادة، رأى الأشرف رجلا طوالا بهيئة غريبة، فأخذ يسأل عنه الأمراء، فعرّفوه ما هو عليه من يبس المزاج والانفراد عن الناس وجفاء الخلق.

فأراد السلطان الانبساط معه وممازحته، وأشار لبعض الخاصّكيّة أن يقف وراءه ويضع أصابعه في دبره. فما هو إلّا أن فعل ذلك، وإذا به التفت إلى الخاصّكيّ ولكمه فسقطت كلوتته عن رأسه، وجذب سيفه ليضربه به، فصاح به السلطان وقد اشتدّ ضحكه وقال: وا لك! تلكم مملوكي؟ وإيش فعل بك؟

فأجاب بغضب شديد: نحن ما تعوّدنا بشيء من هذا، ولا رأيناه في زماننا، ولكن صار هذا في زمن

يبقى فيه آخر عمرنا مخانيث ومساخر (?).

فاشتدّ غضب السلطان عليه، وأمر، فأخذ سيفه وألقي إلى الأرض وضرب ضربا مبرّحا، ووقعت الحوطة على موجوده، وسجن بالقلعة. فوجد له نحو سبعين ألف درهم وثلاثة آلاف دينار، وسلاح، وقماش، وغيره، بلغ ثمنه لمّا أبيع نحو مائتين وستّين ألف درهم، فقام الأمراء في حقّه وشفعوا فيه، حتّى أعيد إلى نيابة القلعة وردّ عليه جميع ما أخذ له بعد ما ألبسه السلطان عباءة وعزم على قتله.

فلمّا كانت نوبة غازان (?) وحوصرت قلعة دمشق نهض أتمّ النهوض في حفظها، وثبت لقتال التتار، وقد ملكوا سطح دار السعادة (?) ورموا على القلعة. وما زال يرمي عليهم قوارير النفط حتى احترقت الأخشاب، وسقط السقف بهم، فاحترقت دار الحديث الأشرفيّة، والمدرسة العادليّة. وما زال على قتالهم حتى رحلوا. وكان ثباته سببا لسلامة بلاد الشام بأسرها.

وتوفّي يوم [ ... ] ذي الحجّة سنة إحدى وسبعمائة.

ومن نوادر تغفّله أنّه استدعى القرّاء لقراءة ختمة للملك المنصور لمّا بلغه موته. فلمّا أخذوا في القراءة أخذ دبّوسا وقال: كيف يكون للسلطان هذه القراءة؟ اقرؤوا عاليا!

فضجّوا بالقراءة جهدهم [184 ب] وطاقتهم.

فلمّا فرغوا من الختمة وأعلم بذلك قال: تقرءون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015