المقفي الكبير (صفحة 554)

أهدى إليه المنايا ذو قرابته ... بغير جرم سوى البغضاء والحسد

لئن ظفرتم بيوم قتلنا غلبا ... إنّا لنرجو من الرحمن فوز غد

حتّى يزيل أقلّ الحقّ أكثره ... ويشرب الكأس ساقيها يدا بيد

وقال إدريس حين أتى بلاد البربر وبايعوه [الطويل]:

وأصبحت في شمّاء بالغرب عند من ... يذبّون عنّي بالمثقّفة الملد

رعوني لمّا ضيّعتني أقاربي، ... وما اطّرحوا ما كان أوصى به جدّي

[سببه موته]:

[182 ب] وكان سبب موته أنّ الهادي بعث في طلبه رجلا كان يعرفه إدريس مواليا لهم ومائلا إلى شيعة عليّ (رضه)، وبذل له مالا، فقصد في طلب إدريس حتّى لحق به في الغرب، بمدينة يقال لها:

وليلي، وقد اتّخذ مدينة فاس، وكان على أن يرحل إليها بنفسه ومن تجمّع إليه. فنزل عليه الرجل، فعرفه إدريس وأكرمه. فلمّا داخله وأمنه، وضع سمّا في جانب سكّين، ثمّ دخل عليه وبيده أترجّة أو بطّيخة، فقطعها بين يديه، فأكل الجانب الذي يليه، وناوله الذي خالطه السمّ، فأكله إدريس، وخرج الرجل عنه. فهلك إدريس.

وقيل إنّ الهادي بعث مع ذلك الرجل بغالية مسمومة. فلمّا أمنه إدريس، أخرج إليه الإناء، وفيه الغالية (?)، فغلفه منها، ثمّ خرج عنه. وسقط إدريس (?) لوجهه فمات.

وقل: الذي بعث معه الهادي إنّما كان سنّونا

مسموما (?) فاستنّ به إدريس فمات. وخرج الرجل فنجا ونفذ إلى بغداد فولّاه بريد مصر.

[عداوة العبّاسيّين له]:

وقيل: بل كان الذي دسّ إلى إدريس السمّ الخليفة هارون الرشيد: بعث بالشمّاخ اليمانيّ (?)، مولى أبيه محمد المهديّ، فأتى إدريس، وأظهر أنّه من شيعتهم، فعظّمه إدريس ومال إليه وأنزله عنده. ثمّ إنّه شكا إليه مرضا في أسنانه، فوصف له دواء، وجعل فيه سمّا، وأمره أن يستنّ به عند طلوع الفجر، فأخذه منه، وهرب الشمّاخ. ثمّ أخذ إدريس الدواء لمّا طلع الفجر فاستنّ به وجعل يردّده في فيه فسقط فوه ومات. فطلب الشمّاخ فلم يقدر عليه. وخرج إلى إفريقية وبها إبراهيم بن الأغلب عامل الهادي فأقام عنده. وكتب إلى هارون الرشيد يخبره بموت إدريس، فبعث له بصلة سنيّة، وولّاه بريد مصر، فقال بعض الشعراء- ويقال إنّه الهادي أو الرشيد، ويقال:

أشجع السلميّ (?) [167 أ] [الكامل]:

أتظنّ يا إدريس أنّك مفلت ... كيد الخلافة أو يقيك فرار؟

إنّ السيوف إذا انتضاها سخطة ... طالت وقصّر دونها الأعمار

ملك كأنّ الموت يتبع أمره ... حتّى تخال تطيعه الأقدار

ومن شعر إدريس هذا [السريع]:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015