المقفي الكبير (صفحة 1796)

وتوفيّ يوم الاثنين ثامن شهر ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة وسبعمائة.

وكان فاضلا مهابا، له حظّ من حسن العبارة ويد في الفقه. إلّا أنّه عيب عليه دعابة كانت فيه وهزل يتظاهر به وكثرة مخالطته للأمير علم الدين سنجر الشجاعي. ولم يكن له نظر (?) ولا هو متفرّغ للعلم.

وكان كثير الكتب متّسع الحال من الدنيا.

1561/ 30 - الملك المعظّم عيسى بن محمد الأيّوبيّ [576 - 624] (?)

[181 - أ] عيسى بن محمد بن أيّوب بن شاذي ابن مروان، الملك المعظّم، شرف الدين، أبو الفتح وأبو المغوار، ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر، ابن والد الملوك نجم الدين أبي الشكر، الأيّوبي، الكردي، الفقيه، الحنفيّ.

ولد بدمشق في خامس رجب سنة ستّ وسبعين وخمسمائة. وتفقّه على مذهب الإمام أبي حنيفة على الشيخ جمال الدين أبي المحامد محمود بن أحمد بن أحمد بن عبد السيّد الحصيري البخاريّ الحنفيّ. وأخذ العربيّة عن الشيخ تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكنديّ، وكان يأتيهما للقراءة عليهما ماشيا على قدميه. ولم يكن في بني أيّوب من يذهب مذهب أبي حنيفة غيره، وإنّما كانوا بأسرهم على مذهب الإمام الشافعيّ. فقال له أبوه الملك العادل: يا بنيّ، كيف اخترت مذهب أبي حنيفة وأهلك كلّهم شافعيّة؟ فقال: يا خوند، أما ترغبون أن يكون فيكم رجل واحد مسلم؟

وكان شديد التعصّب لمذهبه حتى إنّه عزل خطيب القدس من أجل أنّه شافعيّ المذهب وولّى الخطابة رجلا حنفيّ المذهب، وأمر المؤذّنين ألّا يرفعوا أصواتهم بتبليغ التكبير في مسجد القدس إلّا خلف الإمام الحنفيّ الذي رتّبه بالأقصى فقط.

وبنى بالقدس قبّة وجعل عليها وقفا جليلا على من يشتغل من الحنفيّة بعلم النحو واللغة والقراءات، وشرط أن لا يصرف منه لغير الحنفيّة شيء.

وصنّف كتابا سمّاه «السهم المصيب في الردّ على الخطيب» [البغدادي] أبي بكر بن ثابت، فيما أورده في تاريخه (1*) من الطعن في الإمام أبي حنيفة رحمه الله.

وسمع الحديث من حنبل (2*)، وأبي حفص عمر بن طبرزد وغيرهما. وسمع بالوجه البحريّ من أرض مصر من القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن المجلّي، وحدّث. وحجّ فخرج من دمشق في حادي عشر ذي القعدة سنة إحدى عشرة وستّمائة، وتصدّق على أهل الحرمين بصدقات جزيلة. وقدم إلى القاهرة ومعه الشريف سالم بن قاسم [بن مهنّا الحسينيّ] (3*) أمير المدينة النبويّة وسأل الملك العادل فيه فأكرمه وجهّز معه عسكرا كبيرا، وسار المعظّم إلى دمشق على الهجن فسار على طريق تبوك وبنى البركة وعدّة مصانع.

واستنابه أبوه الملك العادل بدمشق في سنة ستّ وتسعين وخمسمائة عند ما ملك مصر. وخرج بعساكرها في سنة سبع وتسعين لمحاصرة الملك الأفضل عليّ ابن صلاح الدين يوسف بصرخد، ونزل على بصرى في جمادى الأولى منها، وكاتب فخر الدين جهاركس وميمون القصريّ، وهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015