النجّاريّ قدم على عليّ بن أبي طالب (رضه) من مصر، وقدم عبد الرحمن بن شبيب الفزاريّ عليه من الشام وكان عيّنه بها. فأمّا الأنصاريّ فكان مع محمد بن أبي بكر، فحدّثه بما رأى وعاين من هلاك محمد بن أبي بكر (?)! وحدّثه الفزاريّ أنّه لم يخرج من الشام حتّى قدم البشراء من قبل عمرو بن العاصي تترى يتبع بعضها بعضا بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر حتى أذّن معاوية بقتله على المنبر. وقال له: ما رأيت يا أمير المؤمنين قوما أسرّ، ولا سرور قوم قطّ أظهر من شيء رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمد بن أبي بكر.
فقال له عليّ (رضه): أما إنّ حزننا على قتله على قدر سرورهم، لا بل يزيد أضعافا.
وحزن على محمد بن أبي بكر حزنا ريئ في وجهه وتبيّن فيه. وقام في الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال (?): ألا إنّ مصر قد فتحت، ألا وإنّ محمد بن أبي بكر قد أصيب رحمة الله عليه، وعند الله نحتسبه. أما والله إن كان كما علمت لممّن ينتظر القضاء ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر ويحبّ سمت المؤمن. إنّي والله ما ألوم نفسي في نقص ولا عجز. إنّي بمقاساة الحروب لجدّ خبير وإنّي لأتقدّم في الأمر فأعرف وجه الحزم فأقوم فيكم بالرأي المصيب فأستصرخ معلنا وأناديكم نداء المستغيث فلا تسمعون لي قولا ولا تطيعون لي أمرا حتى تصير الأمور إلى عواقب
المساءة وأنتم القوم لا تدرك بكم الأوتار ولا يشفى بكم الغلّ. دعوتكم إلى غياث إخوانكم منذ بضع وخمسين ليلة فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ (1*) وتثاقلتم إلى الأرض تثقال من ليس له نيّة في جهاد العدوّ ولا اكتساب الأجر. ثمّ خرج لي منكم جنيد متذائب متضاعف [189 ب] كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ [الأنفال، 6]. فأفّ لكم!
ثم نزل فدخل رحله.
[186 أ] عمر بن أحمد بن أحمد بن مهدي، عزّ الدين، المدلجيّ، النسائيّ، الفقيه، الشافعيّ.
سمع الحافظ شرف الدين الدمياطي، وبرع في الفقه ودرس بالفاضليّة والكهاريّة. وله إشكالات على الوسيط وفوائد كبيرة.
وعليه تفقّه مجد الدين الزنكلونيّ. وكان صالحا ورعا.
توفّي بمكّة في ذي الحجّة سنة عشر وسبعمائة.
وهو والد الشيخ كمال الدين النشائيّ.
[185 - أ] عمر بن أحمد بن خضر بن ظافر بن طراد، سراج الدين، الخزرجيّ، الأنصاريّ، الشافعيّ، خطيب المدينة النبويّة وقاضيها ومفتيها.