المقفي الكبير (صفحة 1781)

دعوتك وقضى شهوتك في الاجتماع بأحبابك حيث تقول [البسيط]:

[470 ب] يا ربّ إنّ كان لي في وصلهم طمع ... عجّل عليّ فللتأخير آفات

وشنق فيما بين باب الذهب وباب البحر من أبواب القصر وشنق ابن كامل في رأس الخروقيّة في سوق الغوريين على درب السلسلة، وأحيط على سائر ما خلّفوه ولم يرجع إلى ورثتهم منه شيء.

وكأن عمارة كان يصف حاله وما آل إليه أمره حين قال في طرخان لمّا صلب [الوافر]:

أراد علوّ مرتبة وقدر ... فأصبح فوق جذع وهو عال

ومدّ على صليب الجذع منه ... يمينا لا تطول إلى الشمال

وقال فيه الشيخ تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي [الطويل]:

عمارة في الإسلام أبدي خيانة ... وبايع فيها بيعة وصليبا

وأمسى شريك الشرك في بغض أحمد ... فأصبح في حبّ الصليب صليبا

وكان خبيث الملتقى إن عجمته ... تجد منه عودا في النفاق صليبا

سيلقى غدا ما كان يسعى لأجله ... ويسقى صديدا في لظى وصليبا

وكان عمارة فقيها شافعيّا حسن الاعتقاد شديد التعصّب لمذهب أهل السنّة. ومن العجب في أمره أنّ الصالح طلائع بن رزّيك كما تقدّم دعاه إلى الانتماء إلى مذهب التشيّع- ويقال إنه بذل له ألف دينار عينا- فأبى ذلك وامتنع منه. ثم غطّى القدر على بصره وتعصّب للقوم بعد موتهم وانقراض دولتهم وبالغ في مدحهم مع تصريح السلطان بالإزراء عليهم والتشنيع لما كانوا عليه وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ [الرعد: 11].

وكان أديبا ماهرا وشاعرا مجيدا ومحادثا ممتعا، وله ديوان شعر في غاية الجودة وله كتاب «النكت العصريّة في أخبار الوزراء المصريّة»، وكتاب تاريخ اليمن.

ومن شعره في الخلفاء الفاطميّين [الكامل]:

ما ضرّكم والمصطفى لكم أب ... فقدانكم لقضيبه وللبده

ما بين آلات النبيّ وآله ... إلّا كما بين الحسام وغمده

1561/ 3 - عمارة بن غزيّة [- 140] (1*)

[190 أ] عمارة بن غزيّة بن الحارث بن عمرو بن [غزيّة] الأنصاريّ، المازنيّ، المدنيّ.

قدم مصر مع محمد بن أبي بكر الصدّيق. روى عن أنس بن مالك، وأبي صالح السمّان، وشرحبيل بن سعد، وعبّاد بن تميم، ومحمد بن إبراهيم بن القاسم، ونعيم المجمر، وخلق.

وروى عنه عمر بن الحارث، والليث بن سعد، ويحيى بن أيّوب، ويونس الأيلي، وبكر بن مضر، والدراورديّ، وبشر بن المفضّل، وخلق. خرّج له مسلم وأبو داود والترمذيّ والنسائيّ، ووثّقه أحمد بن حنبل وأبو زرعة. وقال أبو حاتم وغيره:

ما به بأس.

وقال ابن يونس: قدم الإسكندريّة. يقال توفّي بالمدينة سنة أربعين ومائة.

وقال الزبير بن بكّار: إنّ ابن غزيّة الأنصاريّ ثمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015