المقفي الكبير (صفحة 1777)

(وأتى دليل الحقّ في أقوالهم ... ودعوت فكري عند ذاك أجابا) (?)

[173 أ] فلم يفاتحه بعد ذلك في هذا.

وما زال على حاله إلى أن قتل الصالح (?) وقام من بعده في الوزارة ابنه العادل رزّيك بن طلائع.

فلمّا قتل رزّيك واستولى شاور على الوزارة وجلس بدار الوزارة وقام الشعراء والخطباء ولفيف الناس ينالون من بني رزّيك، قام عمارة في ذلك المحفل العظيم وأنشد [البسيط]:

زالت ليالي بني رزّيك وانصرمت ... والحمد والذمّ فيها غير منصرم

كأنّ صالحهم يوما وعادلهم ... في صدر ذا الدست لم يقعد ولم يقم

هم حرّكوها عليهم وهي ساكنة ... والسلم قد تنبت الأوراق في السلم

كنّا نظنّ وبعض الظنّ مأثمة، ... بأنّ ذلك جمع غير منهزم (?)

فمذ وقعت وقوع النسر خانهم ... من كان مجتمعا من ذلك الرخم

لو لم يكونوا عدوّا ذلّ جانبه ... وإنّما غرقوا من سيلك العرم

وما قصدت بتعظيم عداك سوى ... تعظيم شأنك فاعذرني ولا تلم

ولو شكرت لياليهم محافظة ... لعهدها، لم يكن بالعهد من قدم

ولو فتحت فمي يوما بذمّهم ... لم يرض فضلك إلّا أن يسدّ فمي

والله يأمر بالإحسان عارفة ... منه وينهى عن الفحشاء في الكلم

فشكره شاور وابناه على الوفاء لبني رزّيك.

إلّا أنّ ضرغاما كان ينكر عليه وينقم قوله:

فمذ وقعت وقوع النسر خانهم ... من كان مجتمعا من ذلك الرخم

ويقول: يجعلنا رخما!

فلمّا ثار ضرغام على شاور وأخرجه من مصر وتولّى الوزارة خافه عمارة لإنكاره عليه البيت المتقدّم ذكره، ولأنّه كان يقول: غلط معي عمارة غلطة في شهر رمضان الذي قتل فيه الصالح أنا أحفظها عليه: وهي أنّي قلت له: اخرج معي إلى الهدف الذي على باب البرقيّة.

فقال: أنا أكره أن أرى البرقيّة والأمير الظهير مرتفع المعروف بالجلواز (1*) في الاعتقال، ومذ قبض عليه الصالح لم أعبر بالبرقيّة- وذلك أنّ المرتفع كان صديق عمارة، وكان عمارة قد قال هذا لضرغام وهو من جملة الطائفة البرقيّة، وما عرف من يؤول إليه الحال من ولاية ضرغام الوزارة، قلمّا داخله الخوف من ضرغام التجأ إلى ناصر المسلمين همام أخي ضرغام، وما زال به حتّى أدخله على ضرغام بعد شهرين من وزارته، فأنس به واستوحش من غيبته، وأمر له بذهب وقال له: عنوان الأدب والجمال لمن جالستموه يا أصحاب الصالح! - فمدحه بقصيد.

[172 أ] ولم يكن بأسرع من مجيء شاور بالغزّ من الشام وقتل ضرغام وعوده إلى الوزارة، فمدحه بعدّه قصائد وسأله أن يعفيه من عمل الشعر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015