المقفي الكبير (صفحة 1774)

ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح، فما أرضى لكم كلمي

ترى الوزارة فيه وهي باذلة ... عند الخلافة نصحا غير متّهم

عواطف علّمتنا أنّ بينهما ... قرابة من جميل الرأي لا الرحم

خليفة ووزير مدّ عدلهما ... ظلّا على مفرق الإسلام والأمم

زيادة النيل نقص عند فيضهما ... فما عسى يتعاطى منّة الديم

فكان الصالح يستعيد الأبيات في حال الإنشاد مرارا، والأمراء والأستاذون يذهبون في الاستحسان كلّ مذهب. ثم أفيضت عليه خلع الخلافة وهي مذهبة، ودفع له الصالح خمسمائة دينار عينا، وأخرجت إليه الشريفة العمّة ابنة الإمام الحافظ لدين الله مع بعض الأستاذين خمسمائة دينار أخرى. وخرج والمال محمول إلى منزله.

وأطلقت له من دار الضيافة رسوم جليلة، وتهاداه أمراء الدولة إلى منازلهم للولائم، واستحضره الصالح للمجالسة ونظمه في سلك أهل المؤانسة وانثالث عليه صلاته وغمره ببرّه.

وأنشده يوما من أبيات [الطويل]:

دعوا كلّ برق شمتم غير بارق ... يلوح على الفسطاط صادق بشره

وزوروا المقام الصالحيّ، فكلّ من ... على الأرض ينسى ذكره عند ذكره

[174 - ب] ولا تجعلوا مقصودكم طلب الغنى ... فتجنوا على مجد المقام وفخره

ولكن سلوا منه العلى تظفروا به ... وكلّ امرئ يرجى على قدر قدره

فرمى الخريطة إليه فوجد فيها مائة دينار عينا وخمسين رباعيّا.

ومدحه في شعبان سنة خمسين وخمسمائة بقصيدة فيها [الكامل]:

قصدتك من أرض الحطيم قصائدي ... حادي سراها سنّة وكتاب (1*)

منها:

إن تسألا عمّا لقيت فإنّني ... لا مخفق أملي ولا كذّاب

لم أنتجع ثمد النطاف ولم أقف ... بمذانب وقفت بها الأذناب

لكن وردت قرارة العزّ الذي ... تغدو عبيدا عندها الأرباب (2*)

عثرت به قدم الثناء فلا لعا ... إن لم تقلها رفعة وثواب (3*)

فألقى إليه الخريطة فوجد فيها ثلاثة وسبعين دينارا.

وودّع الخليفة والوزير بقصيدة، منها في ذكر العود إلى مكّة واليمن قوله [الكامل]:

من لي بأن ترد الحجاز وغيرها ... أخبار طيب مواردي ومصادري

زارت بي الآمال أكرم ساحة ... فوق الثرى فغدوت أكرم زائر

ووفدت ألتمس الكرامة والغنى ... فرجعت من كلّ بحظّ وافر

فكأنّ مكّة قال صادق فألها ... سافر تعد نحوي بوجه سافر

فأوسعه إكرامهما توفيرا وإنعامهما توقيرا حتى قال سيف الدين حسين ابن أبي الهيجاء للتوزري متولّي الرسالة عن الخليفة إلى الوزير: ثلاثمائة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015