وأشغل ودرس وناظر وَأفْتى بعد موت مستخلفه وانتهت إِلَيْهِ فِي آخر عمره رئاسة الْمَذْهَب بل رئاسة عصره وَكَانَ مُعظما عِنْد الْملك الظَّاهِر جقمق تغمده الله برحمته مسموع الْكَلِمَة عِنْد أَرْكَان الدولة وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بِأُمُور الدُّنْيَا وَيقوم مَعَ غير أهل مذْهبه وَيحسن إِلَيْهِم ويرتب لَهُم الْأَمْوَال وَيَأْخُذ لَهُم الجوائز ويعتني بشأنهم خُصُوصا لأهل الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَكَانَ عِنْده كرم
واشتغل فِي ابْتِدَاء أمره بالجامع الْأَزْهَرِي ويميل إِلَى محبَّة الْفُقَرَاء وَفتح عَلَيْهِ بِسَبَب ذَلِك وَلَقَد شاهدته وَهُوَ فِي أبهته وناموسه بِمَسْجِد الْخيف يقبل يَد شخص من الْفُقَرَاء ويمرها على وَجهه
وأظن أول من استنابه قَاضِي الْقُضَاة عَلَاء الدّين ابْن المغلي ثمَّ قَاضِي الْقُضَاة محب الدّين وَكَانَ لَهُ منزل فِي بولاق على الْبَحْر ويسكن هُنَاكَ ثمَّ قبل وَفَاة مستخلفه سكن قي قاعة الْمدرسَة الصالحية يُبَاشر نِيَابَة الحكم على الْعَادة ثمَّ اسْتَقر بعد موت مستخلفه فِي الْقَضَاء وَجرى فِي ذَلِك فُصُول سنة أَربع وَأَرْبَعين فباشر على أحسن وَجه غير أَنه عطل أمورا كَثِيرَة لفساد الزَّمَان وَكَانَ عفيفا قي ولَايَته حَتَّى كَانَ يمْتَنع من قبُول الْهَدِيَّة وَبِهَذَا ظهر أمره واشتهر اسْمه فِي الْآفَاق وَكَانَ مقصدا توفّي سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ وَلَده توفّي قبله شرف الدّين مُحَمَّد وَكَانَ دينا عفيفا