جائز وإن لم يعرف رشده إلا بقوله، وقيل: لا يجوز إطلاقه إياه بغير إذن القاضي إلا أن يكون معروفا بالرشد، فإذا عقد له بذلك عقدا ضمنه معرفة شهدائه لرشده؛ وأما وصي الأب فإطلاقه جائز- وهو مصدق فيما يذكر من حاله وإن لم يعرف ذلك إلا من قوله؛ وقيل: إن إطلاقه لا يجوز إلا أن يتبين حاله ويعلم رشده، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم في كتاب الوصايا من العتبية.
وقولنا: إن أفعاله كلها مردودة- وإن علم رشده ما لم يطلق من ثقاف الحجر أن الذي لزمه هو المشهور في المذهب المعمول به، وقد قيل: إن حاله مع الوصي كحاله مع الأب، وأنه يخرج من ولايته إذا علم رشده أو جهل حاله على الاختلاف المتقدم، وهو ظاهر ما وقع في كتاب الهبة والصدقة من المدونة؛ قوله فقد منعهم الله من أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد، فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم من الأوصياء، وإنما الأوصياء بسبب الآباء؛ ونحوه لابن الماجشون في الواضحة قال: إن البكر إذا عنست أو نكحت جازت أفعالها - كانت ذات أب أو وصي؛ وأما ابن القاسم فمذهبه أن الولاية لا يعتبر ثبوتها إذا علم الرشد، ولا سقوطها إذا علم السفه- أعني في اليتيم لا في البكر؛ وقد روى ابن وهب عن مالك مثل قول ابن القاسم، وروى زونان عن ابن القاسم أن من ثبت عليه ولاية، فلا تجوز أفعاله حتى يطلق منها- وإن ظهر رشده مثل قول مالك وكبار أصحابه.
فصل
فإن مات الأب ولم يوص به إلى أحد ولا قدم عليه السلطان وصيا ولا ناظرا، ففي ذلك أربعة أقوال:
أحدها: قول مالك وكبراء أصحابه: إن أفعاله كلها بعد البلوغ جائزة نافذة - رشيدا كان أو سفيها، معلنا بالسفه أو غير معلن به؛ اتصل سفهه من حين بلوغه، أو سفه بعد أن آنس منه الرشد من غير تفصيل في شيء من ذلك.