كان معلوما بالسفه، فلا يخرجه الاحتلام من ولاية أبيه- وأفعاله كلها مردودة غير جائزة، وأما إن كان مجهول الحال لا يعلم رشده من سفهه، فاختلف فيه على قولين:

أحدهما: أنه محمول على السفه حتى يثبت رشده- وهو نص رواية يحيى عن ابن القاسم في كتاب الصدقات والهبات، قال فيها ليس الاحتلام بالذي يخرجه من ولاية أبيه حتى تعرف حاله ويشهد العدول على صلاح أمره- وهو ظاهر سائر الروايات عنه، وعن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة وغيرها من ذلك ما وقع في المدونة في الكتاب الأول من النكاح، وفي كتاب الهبة والصدقة، وفي كتاب الجعل والإجارة.

والثاني: أنه محمول على الرشد حتى يثبت سفهه ويخرج بالاحتلام من ولاية أبيه إذا لم يعرف سفهه- وإن لم يعرف رشده، روى ذلك زياد عن مالك وهو ظاهر ما وقع في أول كتاب النكاح من المدونة قوله: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، إلا أن يتأول إن أراد بنفسه لا بماله- كما تأول ابن أبي زيد - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ واستحسن بعض الشيوخ ألا يخرج من ولاية أبيه حتى يمر به بعد الاحتلام العام ونحوه، وإلى هذا ذهب ابن العطار في وثائقه، على أنه قد اضطرب في ذلك قوله - فذكر أنه لا يجوز للرجل تسفيه ابنه إلا أن يكون معلوما بالسفه ولم يفرق بين قرب ولا بعد، وحكى غيره من الموثقين أن تسفيهه جائز وإن لم يعلم سفهه إذا كان بحرارة بلوغه قبل انقضاء عامين.

فصل

فإن مات الأب- وهو صغير وأوصى به إلى أحد، أو قدم عليه السلطان، فلا يخرج من ولاية وصي أبيه أو مقدم السلطان- حتى يخرجه منها الوصي أو السلطان، إن كان الوصي مقدما من قبله، وأفعاله كلها مردودة- وإن علم رشده ما لم يطلق من الحجر، إن هذا قول ابن زرب أن الوصي من قبل القاضي لا يطلق من الولاية إلا بإذن القاضي، وقد قيل: إن إطلاقه من إلى نظره بغير إذن القاضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015